للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(السَّابِعُ: خِيَارٌ يَثْبُتُ لاِخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ)، وهو صورٌ.

(فَمَتَى اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ)؛ بأن قال: بعتك بمائةٍ، وقال الآخَر: اشترَيتُ بثمانين، ولا بيِّنةَ بينهما؛ (تَحَالَفَا)، نقله الجماعةُ (١)؛ لِما روى ابنُ عبَّاسٍ مرفوعًا قال: «لو يُعطَى النَّاسُ بدعواهم؛ لادَّعى ناسٌ دِماءَ قَوْمٍ وأموالهم، ولكن (٢) اليمين على المدَّعى عليه» متَّفقٌ عليه، ولفظُه لمسلمٍ (٣)، وللبَيْهَقِيِّ: «البيِّنةُ على المدَّعي، واليمينُ على مَنْ أنكر» (٤)، ولأنَّ كلًّا منهما مُدَّعٍ ومنكِرٌ صورةً، وكذا حُكْمًا؛ لسماع بيِّنة كلٍّ منهما.

قال في «عيون المسائل»: لا تُسمع إلاَّ بيِّنة المدِّعِي باتِّفاقنا، ويُؤكِّدُ ذلك حديث ابنِ مسعودٍ: أنَّ النَّبيَّ قال: «إذا اختلف المتبايِعان والسِّلعةُ قائمةٌ، ولا بيِّنةَ لأحدهما؛ تحالفا» (٥).


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٨٤٣، زاد المسافر ٣/ ١٥٩.
(٢) في (ح): لكن.
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٥٢)، ومسلم (١٧١١).
(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى (٢١٢٠١)، وحسَّن هذه الزيادة النووي في الأربعين، وقال ابن رجب في شرحه ٣/ ٣٩٢: (وقد استدل الإمام أحمد وأبو عبيد بأن النبي قال: «البيِّنة على المدَّعي، واليمين على من أنكر»، وهذا يدل على أن اللفظ عندهما صحيح محتج به، وفي المعنى أحاديث كثيرة).
(٥) أخرجه أحمد (٤٤٤٤)، والترمذي (١٢٧٠) والبيهقي في الكبرى (١٠٨٠٦)، قال الترمذي: (حديث مرسل، عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود)، وأخرجه أبو داود (٣٥١١)، والدارقطني (٢٨٥٨)، من وجه آخر مرفوعًا، وفيه قصة، وأعله ابن القطان بجهالة عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث وأبيه وجده. وأخرجه أحمد (٤٤٤٥)، وابن ماجه (٢١٨٦)، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، بلفظ: «إذا اختلف البيعان، وليس بينهما بينة فالقول ما يقول صاحب السلعة أو يترادان»، والقاسم لم يدرك جده. وورد من طرق عدة لا تخلو من مقال، ونقل البيهقي عن الشافعي قوله: (هذا حديث منقطع لا أعلم أحدًا يصله عن ابن مسعود، وقد جاء من غير وجه)، وقوَّاه ابن عبد البر فقال: (هذا الحديث وإن كان في إسناده مقال من جهة الانقطاع مرة، وضعف بعض نقلته أخرى، فإن شهرته عند العلماء بالحجاز والعراق يكفي ويغني)، وحسنه ابن عبد الهادي وقال: (بمجموع طرقه له أصل)، وصححه الألباني. ينظر: التمهيد ٢٤/ ٢٩٣، بيان الوهم ٣/ ٥٢٥، تنقيح التحقيق ٤/ ٧٥، الإرواء ٥/ ١٦٦.