للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ الْمُسَاقَاةِ) (١)

هي مُفاعَلةٌ من السَّقْيِ؛ لأِنَّه أَهَمُّ أَمْرِها، وكانت النَّخلُ بالحِجاز تُسْقَى نَضْحًا؛ أي: من الآبار، فيَعظُمُ أمْرُه، وتَكثُرُ مَشَقَّتُه (٢).

وهي عِبارة: أنْ يَدفَعَ إنسانٌ شَجَرَه إلى آخَرَ لِيَقُومَ بسقيه، وما يَحْتاجُ إليه، بجُزْءٍ معلومٍ له من ثَمَره، قاله في «المغْنِي» و «الشَّرح».

وليس بجامِعٍ؛ لِخُروج ما يَدْفَعُه إليه لِيَغْرِسَه ويَعْمَلَ عليه، ولا بِمانِعٍ؛ لِدُخولِ ما لَه ثمرٌ غَيرُ مَقْصودٍ؛ كالصَّنَوْبَرِ.

والأصلُ في جَوازها السُّنَّةُ، فَمِنْها: ما رَوَى ابنُ عُمَرَ قال: «عامَلَ النَّبيُّ أهلَ خَيبَرَ بشطر (٣) ما يَخرُج منها من ثَمَرٍ أوْ زَرْعٍ» مُتَّفَقٌ عليه (٤)، وقال أبو جَعْفَرٍ: «عامَلَ النَّبيُّ أهْلَ خَيْبَرَ بالشَّطْر، ثُمَّ أبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، ثُمَّ أهلوهم (٥) إلى اليوم يُعْطُون الثُّلُثَ أوِ الرُّبُعَ» (٦)، وهذا عَمِل به الخُلفاءُ الرَّاشِدونَ ولم يُنكَرْ، فكان كالإجْماع.

(تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ)، وعليه اقْتَصَرَ داودُ، (وَكُلِّ (٧) شَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ)؛ لأِنَّ الحاجةَ تدْعُو إلى ذلك؛ لأِنَّ كَثيرًا من النَّاس لا شَجَرَ لهم، ويَحْتاجُونَ إلى الثَّمَر، ففي تَجْوِيز المساقاة دَفْعُ الحاجَتَينِ، وحُصولُ المنفعة


(١) كتب في هامش (ظ): (بلغ بأصل المصنف رحمه الله تعالى).
(٢) في (ق): ويكثر سقيه.
(٣) في (ح): بشرط.
(٤) أخرجه البخاري (٢٣٢٨، ٢٣٢٩)، ومسلم (١٥٥١).
(٥) في (ح): أحلوهم.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٢١٢٣١)، ومن طريقه ابن حزم (٧/ ٤٨)، قال ابن القيم: (وهذا أمر صحيح مشهور). ينظر: تهذيب السنن ٢/ ١٣١.
(٧) في (ح): وفي كلِّ.