للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ)

هو عبارة عن الحجْزِ بين شيئين، ومنه فصل الرَّبيع؛ لأنَّه يحجز بين الشِّتاء والصَّيف، وهو في كُتُب العلم كذلك؛ لأنَّه حاجز بين أجناس المسائل وأنواعها.

(الْقِسْمُ الثَّانِي: مَاءٌ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ)؛ جعله وسَطًا؛ لسلْب إحدى الصِّفتين وبقاءِ الأخرى، وهو قسمان:

أحدهما: غيْرُ مطهِّر بالإجماع، (وَهُوَ مَا خَالَطَهُ طَاهِرٌ) يمكن أن يُصان الماء عنه، والمراد بالمخالطة هنا: المُمازَجة بحيث يُستهلَك جرم الطَّاهر في جرم الماء، ويتلاقى جميع أجزائهما.

والثَّاني: مختلَف في التَّطهير به، وسيأتي.

والأوَّل ثلاثة أنواع:

ما خالطَه طاهرٌ (فَغَيَّرَ اسْمَهُ)؛ بأن صار صِبْغًا أو خلًّا؛ لأنَّه أزال عنه اسمَ الماء.

(أَوْ غَلَبَ عَلَى أَجْزَائِهِ) فصيَّره حِبْرًا؛ لأنَّ المخالِط إذا غلب على أجزاء الماء أزال معناه؛ لكونِه لا يُطلَب منه الإرواء.

(أَوْ طُبِخَ فِيهِ فَغَيَّرَهُ) حتَّى صار مَرَقًا؛ كماء الباقِلَّاء المَغْلِيِّ؛ لأنَّه قد بَقي طبيخًا، وزال عنه مقصودُ الماء من الإرواءِ، أشبهَ ما لو صار حِبرًا.

وقد فُهم منه: أنَّ الماء إذا خالطه الطاهر ولم يغيِّره أنَّه باق على طَهوريَّته؛ لما روت أمُّ هانئ: «أنَّ النَّبيَّ اغتسل هو وزوجتُه من قصعة فيها أثرُ العجين» رواه أحمد وغيره (١).


(١) أخرجه النسائي (٢٤٠)، وابن ماجه (٣٧٨)، وابن خزيمة (٢٤٠)، وابن حبان (١٢٤٥)، من طريق مجاهد، عن أم هانئ . رجاله ثقات رجال الشيخين، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، ولكن اختلف في سماع مجاهد من أم هانئ ، قال الترمذي: (سألت محمدًا قلت له: مجاهد سمع من أم هانئ؟ قال: روى عن أم هانئ، ولا أعرف له سماعًا منها)، وقال الذهبي: (لم يدرك مجاهد أم هانئ، وقيل: سمع منها، وذلك ممكن). ينظر: العلل الكبير (٥٤٥)، تاريخ الإسلام ١/ ٧٣٧.