للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَإِذَا اسْتَهَلَّ المَوْلُودُ صَارِخًا)، سُمِّيَ الصُّراخُ: استِهْلالاً تَجَوُّزًا، وأصْلُه: أنَّ النَّاس إذا رأوا الِهلالَ صاحُوا عِنْدَ رُؤْيَتِه واجْتَمَعُوا، فأراهُ بعضُهم بَعْضًا، فسُمِّيَ الصَّوتُ عِنْدَ اسْتِهْلالِ الهلالِ: اسْتِهْلالاً، ثُمَّ سُمِّيَ الصَّوتُ من المولود: اسْتِهْلالاً؛ لأِنَّه صَوتٌ عِنْدَ وُجودِ شَيءٍ يُجتَمَعُ له، ويُفْرَحُ به.

وفسَّر الجَوهَريُّ الاِسْتِهْلالَ بالصُّراخ (١)، وكذا المؤلِّفُ؛ لِيُنبِّهَ بذلك على حياته، وفِيهِ شَيءٌ؛ لأِنَّه إنْ جُعِلَ حالاً؛ كان فِيهِ إشْعارٌ بانْفِكاكِ الاِسْتِهْلال عَنْه، وكذا إنْ جُعِلَ تمييزًا؛ لأِنَّه لا يَأْتِي إلاَّ بَعْدَ ما يَحتَمِلُ الأمْرَينِ، والتَّفسيرُ يَأْباهُ، والأظْهَرُ: أنَّه حالٌ يؤكِّده؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [هُود: ٨٥].

(وَرِثَ، وَوُرِثَ)، نَقَلَه أبو طالِبٍ (٢)، وفي «الرَّوضة»: هو الصَّحيحُ عِندَنَا، وهو قَولُ ابنِ عبَّاسٍ (٣)، والحَسَنِ، وابنِ سِيرِينَ؛ لِمَا رَوَى أبو هُرَيرةَ مرفوعًا قال: «إذا اسْتَهَلَّ المولودُ وَرِثَ» رواهُ أبو داودَ، وعن جابِرٍ نحوُه، رواهُ ابنُ ماجَهْ (٤)، فدلَّ أنَّه لا يَرِثُ بغَيرِ الاِسْتِهْلال، وفي لَفْظٍ ذَكَرَه ابنُ سُراقَةَ: أنَّ النَّبيَّ قال في الصَّبِيِّ إذا وَقَعَ صارِخًا فاسْتَهَلَّ: «وَرِثَ، وَتَمَّتْ دِيَتُه،


(١) ينظر: الصحاح ٥/ ١٨٥٢.
(٢) ينظر: مسائل ابن منصور ٨/ ٤٢٢٤، مسائل صالح ٣/ ٢٣٨، زاد المسافر ٤/ ١١٩، الفروع ٨/ ٤١.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٤٨٩)، والدارمي (٣١٦٩)، عن ابن عباس ، قال: «إذا استهل الصبي ورث وورث وصُلِّي عليه»، وأخرجه ابن عدي في الكامل (٥/ ٢٠)، مرفوعًا، ومدارهما على شريك القاضي وهو ضعيف، ومرة رفعه ومرة وقفه، ثم إنه رواه عن أبي إسحاق السبيعي، وقد اختلط وسماع شريك منه متأخر.
(٤) سبق تخريج حديث أبي هريرة وحديث جابر في الجنائز ٣/ ١٢١ حاشية (٤).