للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَالْمُودَعُ أَمِينٌ)؛ لأِنَّ الله تعالى سمَّاها أمانةً بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النِّسَاء: ٥٨].

(وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ رَدٍّ) مع يَمِينِه، وهو قَولُ الثَّورِيِّ؛ لأِنَّه لا مَنفَعَةَ له في قَبْضِها، فقُبِلَ قَولُه بغَيرِ بَيِّنةٍ.

وعَنْهُ: يُقبَلُ قَولُه إنْ كان دَفَعَها إلَيهِ بغَيرِ بيِّنةٍ، وإلاَّ وَجَبَ عَلَيهِ إقامَتُها.

وعلى القَبول: ولو على (١) يَدِ عبْدِه، أوْ زَوجَتِه، أوْ خازِنِه.

(وَتَلَفٍ)، قال ابنُ المنذِر: أجْمعَ كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه أنَّ المسْتَوْدَعَ إذا أحْرَزَ الوديعةَ، ثُمَّ ذَكَرَ أنَّها ضاعَتْ؛ قُبِلَ قَولُه مع يَمِينِه، قالَهُ الأكْثرُ (٢).

وعنه: يُصدَّق في تَلَفِها بغَيرِ يَمينٍ.

والمذْهَبُ: إنِ ادَّعاهُ بأمْرٍ خَفِيٍّ؛ صُدِّق مع يَمِينِه، وإنْ كانَ بأمْرٍ ظاهِرٍ؛ كحَرِيقٍ؛ فلا يُقبَلُ إلاَّ بِبَيِّنةٍ تَشْهَدُ بِوُجودِ السَّبَب، ولو باسْتِفاضةٍ.

كلُّ مالٍ تَلِفَ في يَدِ أمِينٍ من غَيرِ تَعَدٍّ؛ لا ضَمانَ فِيهِ، إلاَّ في مسألةٍ واحدةٍ، وهي ما إذا اسْتَسْلَف السُّلْطانُ للمَساكِينِ زكاةً قَبْلَ حَولِها، فَتَلِفَتْ في يَدِه؛ ضَمِنَها للمَساكِينِ، نَصَّ عَلَيهِ، قالَهُ ابنُ القاصِّ الشافعي (٣).


(١) قوله: (ولو على) في (ح): وعلى.
(٢) ينظر: الإشراف ٦/ ٣٣٣.
(٣) قوله: (كل مال تلف في يد أمين … ) إلى هنا سقط من (ح). وينظر: أسنى المطالب ٣٨٧، مغني المحتاج ٤/ ١٤٣.
وابن القاص: هو أحمد بن أحمد الطبري، أبو العباس ابن القاص، شيخ الشافعية في طبرستان، توفي بطرسوس سنة ٣٣٥ هـ، من مصنفاته: أدب القاضي، والمواقيت، وغيرهما. ينظر: وفيات الأعيان ١/ ٦٨، طبقات الشافعيين ص ٢٤٠.