للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ)

(وَهِيَ قِسْمَانِ: صَحِيحٌ)، وفاسِدٌ؛ لأِنَّه عَقْدُ مُعاوَضةٍ، فانْقَسَمَ إلى ذلك؛ كالبيع.

والأوَّل نَوعانِ:

أحدهما: شَرْطُ ما يَقتَضِيهِ العقدُ؛ كتسليم المرأة، وتمكينه من الاِسْتِمْتاع بها، فهذا لا أثَرَ له، وجودُه كالعدم.

والثَّاني: شَرْطُ ما تَنتَفِعُ به المرأةُ، وهو المعبَّرُ عنه بقوله: (مِثْلُ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ فِي الْمَهْرِ، أَوْ نَقْدٍ (١) مُعَيَّنٍ)، فهذا صحيحٌ يَجِبُ الوَفاءُ؛ كالثَّمَن في البيع.

(أَوْ) شَرْطِ (أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا، أَوْ بَلَدِهَا)، هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ؛ لِمَا رَوَى عُقْبةُ بنُ عامِرٍ مرفوعًا قال: «إنَّ أحقَّ الشُّروط أنْ تُوفُوا به؛ ما اسْتَحْلَلْتُم به الفُروجَ» رواهُ الشَّيخانِ (٢)، ولِعُموماتِ الأمْرِ بالوَفاء بالعُقود والعُهود، ولأِنَّ الشَّارِعَ حرَّم مالَ الغَير إلاَّ عن تَراضٍ منه، ولا شكَّ أنَّ المرأةَ إذا لم تَرْضَ ببذلِ فرْجها إلاَّ بهذا الشَّرطِ، وشأن الفرْجِ أعظمُ من المال، فإذا حرُمَ المالُ إلاَّ بالتَّراضِي، فالفَرْجُ أَوْلَى، مع أنَّ الأثرمَ رَوَى: أنَّ رجلاً تزوَّج امرأةً، وشَرَطَ لها دارَها، ثُمَّ أراد نَقْلَها، فخاصَموهُ إلى عمرَ، فقال: «لها شَرْطُها» (٣).


(١) في (ظ): بقدر.
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٢١)، ومسلم (١٤١٨)، من حديث عقبة بن عامر .
(٣) علقه البخاري بصيغة الجزم (١٩٠)، ووصله عبد الرزاق (١٠٦٠٨)، وسعيد بن منصور (٦٦٢)، وابن أبي شيبة (١٦٤٤٩)، والبيهقي في الكبرى (١٤٤٣٨)، عن عبد الرحمن بن غنم قال: شهدت عمر بن الخطاب أُتي في امرأة جعل لها زوجها دارها، فقال عمر: «لها شرطها»، فقال رجل: إذًا يطلقننا، فقال عمر: «إنما مقاطع الحقوق عند الشروط»، واحتج به إسحاق في مسائل ابن منصور ٤/ ١٥٢٨، قال الألباني في الإرواء ٦/ ٣٠٤: (صحيح على شرط الشيخين).