للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَيَمْلِكُ المُكَاتَبُ أَكْسَابَهُ، وَمَنَافِعَهُ، وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ)، بالإجْماع (١)؛ لأِنَّ عَقْدَ الكتابة لتحصيلِ العِتْق، ولا يَحصُلُ إلاَّ بأداءِ عِوَضِه، وهو مُتَعذِّرٌ إلَّا بالاِكْتِساب، والبيعُ والشِّراءُ مِنْ أقْوَى جِهاتِ الاِكْتِسابِ، فإنَّه قد جاءَ في الأثَرِ: «أنَّ تسعةَ أعْشارِ الرِّزْق في التِّجارة» (٢)، (وَالْإِجَارَةَ، وَالاِسْتِئْجَارَ)؛ كالبَيعِ، (وَالسَّفَرَ)، قَريبًا كان أوْ بعيدًا؛ لأِنَّه من أسبابِ الكَسْبِ، وقد أطْلَقَ القَولَ فيه.

وقِياسُ المذْهَبِ: أنَّ له مَنْعَه مِنْ سَفَرٍ تَحِلُّ نُجومُ كتابته قَبْلَ قُدومِه؛ كالغَريمِ الذي يَحِلُّ الدَّينُ عَلَيهِ قَبْلَ مُدَّةِ سَفَرِه.

(وَأَخْذَ الصَّدَقَةِ)، واجبةً كانَتْ أوْ مُستَحَبَّةً؛ لأِنَّ الله تعالى أَذِنَ للمُكاتَبِينَ الأخْذَ من الواجِبة، فالمستَحَبَّةُ أَوْلَى.

(وَالْإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ)؛ لأِنَّ ذلك مِمَّا لا غِنَى عنه، والمرادُ بالولد؛ أي: التَّابع له؛ كَوَلِده مِنْ أمَته، فإنْ عَجَزَ، ولم يَفسخْ سيِّدُه كِتابَتَه؛ فتَلزَمُ (٣) النَّفقةُ لسيِّده (٤)، وللمُكاتَبِ النَّفقةُ على وَلَدِه مِنْ أَمَةٍ لسيِّده، وفِيهِ من


(١) ينظر: المغني ١٠/ ٣٩٧.
(٢) أخرجه مسدّد كما في إتحاف الخيرة (٢٧٣٠)، وفي المطالب العالية (١٤٣٤)، من طريق داود بن أبي هند، عن نُعيم بن عبد الرحمن بلاغًا. ونعيم بن عبد الرّحمن الأزدي، ذكره البخاريّ وابن أبي حاتم وابن حبّان وغيرهم في التّابعين، وقال أبو حاتم والعسكريّ: (روى عن النّبيّ مرسلاً، ولم يلقه)، فالحديث مرسل كما قاله العراقيّ، وقال البوصيري: (هذا إسناد ضعيف، لجهالة نعيم بن عبد الرحمن). ينظر: الجرح والتعديل ٨/ ٣٦١، التاريخ الكبير ٨/ ٩٧، المغني عن حمل الأسفار ص ٥٠٤، الإصابة ٦/ ٤٠٠.
(٣) في (ق): فيلزم.
(٤) أي: على سيده. ينظر الشرح الكبير ٢٤/ ٤٢٣.