للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: إذا صالَحَ المكاتَبُ سيِّدَه عمَّا في ذِمَّته بغَيرِ جِنْسه؛ صحَّ، إلاَّ أنَّه لا يَجوزُ أنْ يُصالِحَه على شَيءٍ مُؤجَّلٍ؛ لأِنَّه يكونُ بَيعَ دَينٍ بدَينٍ.

وإنْ صالَحَه عن أحدِ النَّقْدَينِ بالآخَر، أو عن الحِنْطة بشَعِيرٍ؛ لم يَجُزِ التَّفرُّقُ قَبْلَ القَبْض؛ لأِنَّه بَيعٌ في الحقيقة.

وقال القاضِي: لا تَصِحُّ هذه المصالَحةُ مُطلَقًا؛ لأِنَّ هذا دَينٌ من شَرْطِه التَّأجيلُ.

وقال ابْنُ أبي مُوسَى: لا يَجْرِي الرِّبا بَينَ المكاتَبِ وسيِّدِه، فَعَلَى قَولِه: تَجوزُ المصالحةُ كَيفَ ما كانت؛ كعبده القِنِّ وسيِّده.

والأوَّلُ أَوْلَى.

(وَإِذَا أَدَّى وَعَتَقَ، فَوَجَدَ السَّيِّدُ بِالْعِوَضِ عَيْبًا؛ فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَلَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ)، إذا بانَ بالعِوَض عَيبٌ فأمْسَكَه؛ اسْتَقَرَّ العِتْقُ؛ لأِنَّ إمْساكَه المعيبَ راضِيًا به؛ رِضًى منه بإسْقاطِ حقِّه، فَجَرَى مَجْرَى إبْرائِه.

وإنِ (١) اخْتارَ إمْساكَه وأخْذ أرْش العَيبِ؛ فله ذلك، وإنْ ردَّه أَخَذَ عِوَضَه، وهو المرادُ بقَولِه: أوْ قِيمته، قال أبو بكرٍ: وقِياسُ قَولِ أحمدَ: أنَّه لا يَبطُلُ العِتْقُ؛ لأِنَّه إتْلافٌ، فإذا حُكِمَ بوقوعه؛ لم يَبطُلْ، أشْبَهَ الخُلْعَ.

وقال القاضي: يتوجَّه أنَّ له الرَّدَّ، ويُحكَمُ بارْتِفاع العِتْقِ؛ لأِنَّ الكتابةَ عَقْدُ مُعاوَضةٍ يَلحَقُه الفَسْخُ بالتَّراضِي؛ كالمبيع، أمَّا إذا دَفَعَ مالَ الكتابةِ، فَبَانَ مُسْتَحَقًّا تبيَّنَّا أنَّ العِتْقَ لم يَقَعْ؛ لأِنَّ وُجودَ هذا الدَّفْعِ كَعَدَمِه؛ لأِنَّه لم يؤدِّ (٢) الواجِبَ عَلَيهِ.


(١) في (ظ): إن.
(٢) في (ق): لم يرد.