للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ)

عَقَدَ هذا البابَ لِبَيانِ إرْثِ القاتِل وعَدَمِه، وهو المقصودُ بالتَّرجمة، وكان يَنبَغِي أنْ يُعبِّرَ بالنَّفيِ.

والقَتْلُ على ضَربَينِ: مَضمونٌ، وغَيرُ مضمونٍ.

فالمضمونُ: مُوجِبٌ للحِرْمانِ، وهو المعبَّرُ عنه بقَولِه: (كُلُّ قَتْلٍ مَضْمُونٍ بِقِصَاصٍ، أوْ دِيَةٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ)؛ كمَن رَمَى إلى صفِّ الكفَّار فأصاب مسلِمًا، (يَمْنَعُ الْقَاتِلَ مِيرَاثَ الْمَقْتُولِ)؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ النَّبيَّ قال: «لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا» رواهُ أبو داودَ والدَّارَقُطْنِيُّ، وعن عمرَ قال: سمعْتُ رسولَ الله يَقولُ: «لَيسَ لِقاتِلٍ مِيراثٌ» رواهُ مالِكٌ وأحمدُ، وعن ابنِ عبَّاسٍ مرفوعًا مِثْلُه، رواهُ أحمدُ، ورَوَى النَّسائِيُّ مَعْناهُ مرفوعًا، صحَّحه ابنُ عبدِ البرِّ في الفرائض (١)، ونَقَلَ الاِتِّفاقَ عليه، وضعَّفَه غَيرُه.


(١) وقع اختلاف في هذا الحديث؛ فأخرجه أبو داود (٤٥٦٤)، من طريق سليمان بن موسى الأشدق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في حديث طويل، وأخرجه النسائي في الكبرى (٦٣٣٣)، والدارقطني (٤١٤٨، ٤١٤٩)، من طريق إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج ويحيى بن سعيد وذكر آخر ثلاثتهم، عن عمرو بن شعيب به. والأشدق قال عنه البخاري: (عنده مناكير)، وتكلم فيه آخرون قال ابن حجر: (صدوق فقيه في حديثه بعض لين)، وإسماعيل بن عياش روايته عن الحجازيين ضعيفة، وخالفهم يحيى بن سعيد الأنصاري، فرواه عن عمرو بن شعيب، عن عمر مرفوعًا، أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٨٦٧)، وأحمد (٣٤٧)، والنسائي في الكبرى (٦٣٣٤)، وابن ماجه (٢٦٤٦)، والبيهقي في الكبرى (١٢٢٣٩)، لكنه منقطع؛ عمرو بن شعيب لم يسمع من عمر ، والحديث قواه ابن عبد البر، ورجح النسائي وابن عبد الهادي رواية يحيى بن سعيد، وقال ابن حجر: (والصواب وقفه على عمر)، وضعفه مرفوعًا الألباني، وروي من حديث أبي هريرة عند الترمذي (٢١٠٩)، وابن ماجه (٢٧٣٥)، وفيه إسحاق بن أبي فروة وهو متروك.
وحديث ابن عباس أخرجه الدارقطني كما ذكره ابن الملقن في البدر (٧/ ٢٢٧)، ولم نقف عليه في السنن، وفي سنده: ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وأخرجه البيهقي في الكبرى (١٢٢٤٢)، وفي سنده: عمرو برق، ويقال: ابن برق، وهو عمرو بن عبد الله بن الأسوار اليماني وفي حديثه ضعف. ينظر: التمهيد ٢٣/ ٤٣٧، تنقيح التحقيق ٤/ ٢٥٧، ميزان الاعتدال ٣/ ٢٩٥، تهذيب التهذيب ٤/ ٢٢٧، بلوغ المرام (٩٠٠)، الإرواء ٦/ ١١٥.