للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعْنَى فيه: أنَّه لو ورَّثْنا القاتِلَ؛ لم نأمنْ (١) من ذاعِرٍ (٢) مُسْتَعْجِلٍ الإرْثَ أنْ يَقتُلَ مُوَرِّثَه، فيَفْنَى العالَمُ، فاقْتَضَت المصلحةُ حِرمانَه، ولأِنَّ القَتْلَ قَطَعَ الموالاةَ، وهي سببُ الإرثِ.

وظاهِرُه: أنَّ المقْتولَ يَرِثُ من قاتِلِه مِثْلَ أنْ يَجرَح مُورِّثَه، ثُمَّ يَموتُ قَبلَ المجروح من تلك الجراحة.

وسَواءٌ انفرَدَ به أوْ شارَك غَيرَه، فلو شهد على مورِّثه مع جماعةٍ ظُلْمًا بقَتْلٍ؛ لم يَرِثْه.

(سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا)، بالإجْماعِ (٣)، إلاَّ ما حُكِيَ عن سعيدِ بنِ المسيِّب وابنِ جُبَيرٍ: أنَّهما وَرَّثاهُ منه؛ لأِنَّ آيةَ الموارِيث تَناوَلَتْه بعُمومها، فيَجِبُ العَمَلُ بها.

ولا تَعْويلَ على هذا القَولِ؛ لِشُذوذِه، وقِيامِ الدَّليل على خلافه، فإنَّ «عمرَ أعْطَى دِيةَ ابنِ قَتادةَ المَذْحِجِيِّ لأِخِيهِ دُونَ أبيه، وكان حذَفَه بسَيفٍ فَقَتَلَه» (٤)، واشْتَهَرَ ذلك في الصَّحابة، ولم يُنكَرْ، فكان كالإجماع، ولأِنَّ الوارِثَ ربُّما


(١) في (ظ): يأمن.
(٢) رجل ذاعر: ذو عيوب، وأما الداعر فالخبيث. ينظر: تاج العروس ١١/ ٣٧٣.
(٣) ينظر: الإشراف ٤/ ٣٥٦، مراتب الإجماع ص ٩٨.
(٤) أخرجه مالك (٢/ ٨٦٧)، وعنه الشافعي في الأم (٦/ ٣٦)، وعبد الرزاق (١٧٧٨٢)، والبيهقي في الكبرى (١٥٩٦٣)، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب به. وأخرجه ابن ماجه (٢٦٤٦)، والبيهقي في الكبرى (١٢٢٣٩)، من طرق أخرى عن يحيى. قال البيهقي: (هذا الحديث منقطع، فأكده الشافعي بأن عددًا من أهل العلم يقول به)، وقال الألباني في الإرواء ٦/ ١١٥: (إسناد صحيح، ولكنه مرسل).