للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسْتَعْجَلَ مَوتَ مُورِّثِه ليأخُذَ مالَه، كما فَعَلَ الإسرائيليُّ الذي قَتَلَ ابنَ عمِّه، فأنزل الله تعالى فيه قصَّةَ البقرة.

(أَوْ خَطَأً)، نَصَّ عَلَيه (١)، وهو قَولُ جُمْهورِ العُلَماء.

وذهب سعيدُ بنُ المسيِّب، وعَمْرُو بنُ شُعَيبٍ، والأوزاعيُّ، والزُّهريُّ: أنَّه يَرِثُ من المال دُونَ الدِّية، ورُوِيَ نحوُه عن عليٍّ (٢)؛ لأِنَّ مِيراثَه ثابِتٌ بالكتاب، والسُّنَّةُ تُخَصِّصُ قاتِلَ العَمْد، فَوَجَبَ البَقاءُ على الظَّاهِر فِيما سِواهُ.

وأُجِيبَ: بما تقدَّم، ولأِنَّ مَنْ لا يَرِثُ من الدِّيةِ لا يَرِثُ من غَيرها؛ كقاتِلِ العَمْد والمخالِفِ في الدِّين؛ سَدًّا للذَّريعةِ، وطَلَبًا للتَّحرُّز عنه.

لكِنْ ذَكَرَ أبو الوفاء، وأبو يَعْلَى الصَّغيرُ: أنَّه يَرِثُ مَنْ لا قَصْدَ له من صبِيٍّ ومجنونٍ، وإنَّما يُحرَم من يُتَّهم، وصحَّحه أبو الوفاء، ونَصُّ أحمدَ خِلافُه (٣)؛ لأِنَّه قد يُظهِرُ الجُنونَ لِيَقْتُلَه، وقد يُحرِّضُ عاقِلٌ صبِيًّا، فحَسَمْنا المادَّةَ؛ كالخطأ.

(بِمُبَاشَرَةٍ) كان الخطأُ؛ كمَنْ رَمَى صَيدًا فأصاب مُوَرِّثَه، (أَوْ سَبَبٍ)؛ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوانًا، فَسَقَطَ فيها مُوَرِّثُه، (صَغِيرًا كَانَ الْقَاتِلُ أَوْ كَبِيرًا)؛ لأِنَّه قَاتِلٌ، فتَشْمَلُه الأدلَّةُ.

وظاهِرُه: لا فَرْقَ بَينَ الأبِ وغَيرِه، وسَواءٌ قَصَدَ مصلحتَه؛ كضَرْبِ الأبِ والزَّوجِ للتَّأديب، وكسَقْيِه الدَّواءَ، وبَطِّ جُرْحِه، والمعالجةِ إذا مات به.

وفي «الفروع»: (ولو شَرِبَتْ دواءً، فأسقطتْ (٤) جنينَها؛ لم تَرِثْ من الغُرَّة


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٧/ ٣٣٩٢.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٤٠٩)، عن يحيى بن أبي كثير، عن عليٍّ في رجل قتل أمَّه فقال: «إن كان خطأً ورث، وإن كان عمدًا لم يرث»، وهذا مرسل.
(٣) ينظر: الفروع ٨/ ٧٠.
(٤) في (ق): وأسقطت.