للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ)

وهو الشَّرط الرَّابع؛ لقوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)[المدَّثِّر: ٤]، قال ابن سيرين وابن زيد: (أمر بتطهير الثِّياب من النَّجاسة التي لا تجوز (١) الصَّلاة معها، وذلك لأنَّ المشركين كانوا لا يتطهَّرون، ولا يطهِّرون ثيابهم) (٢). وهذا أظهر الأقوال فيها، وهو حمل اللَّفظ على حقيقته، وهو أولى من المجاز، فيكون شرطًا بمكَّة، لكن صحَّ: «أنَّ النَّبيَّ كان يصلِّي قبل الهجرة في ظلِّ الكعبة، فانبعث أشقى القوم فجاء بسَلا جَزور بني فلان ودمِها وفَرْثها، فطرحه بين كتفيه وهو ساجد حتَّى أزالته فاطمة» رواه البخاري من حديث ابن مسعود. (٣)

قال (٤) المجْدُ: لا نسلِّم أنَّه أتى بدمها، ثمَّ الظَّاهر أنَّه منسوخ؛ لأنَّه كان بمكَّة قبل ظهور الإسلام، ولعلَّ الخَمسَ لم تكن فُرضت، والأمر بتجنُّب النَّجاسة مدَنيٌّ متأخِّرٌ، بدليل خبر النَّعلين (٥)،


(١) في (أ) و (د) و (و): يجوز.
(٢) ينظر: تفسير الطبري ٢٣/ ٤٠٩.
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٠)، ومسلم (١٧٩٤).
وكتب على هامش (و): (وعلى هذا؛ لا يصح الاستدلال بالآية؛ لأنها نزلت بمكة بعد سورة ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العَلق: ١].
(٤) في (د): وقال.
(٥) عن أبي سعيد الخدري : «أن رسول الله صلى فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف، قال: «لم خلعتم نعالكم؟» فقالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعت فخلعنا، قال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثًا، فإذا جاء أحدكم المسجد، فليقلب نعله، فلينظر فيها، فإن رأى بها خبثًا فليمسه بالأرض، ثم ليصل فيهما».
أخرجه أحمد (١١١٥٣)، وأبو داود (٦٥٠)، وابن خزيمة (١٠١٧)، وابن حبان (٢١٨٥)، واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم الموصول، قال النووي: (إسناده صحيح)، وصححه ابن كثير، والألباني. ينظر: علل ابن أبي حاتم ٢/ ٢٢٥، الخلاصة ١/ ٣١٩، تحفة الطالب لابن كثير ص ١١١، صحيح أبي داود ٣/ ٢٢٠.