للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ (١) الْأَيْمَانِ)

وهي جَمْعُ يَمِينٍ، واليَمِينُ القَسَمُ، والجَمْعُ: أيْمُنٌ وأيْمانٌ، سُمِّيَ بذلك؛ لِأنَّه كان أحدُهم يَضرِبُ يَمِينَه على يَمِينِ صاحِبِه.

فاليمين (٢): تَوكِيدُ الحُكْم بذِكْرِ مُعظَّمٍ، على وجهٍ (٣) مخصوصٍ، فهي جملةٌ خَبَريَّةٌ يُؤكَّد بها أخْرى، وهما كشرطٍ وجَزاءٍ.

والأصْلُ فيها الإجماعُ (٤)، وسَنَدُه قَولُه تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ﴾ [المَائدة: ٨٩]، وقَولُه: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النّحل: ٩١]، والسُّنَّةُ شهيرةٌ بذلك، منها قَولُه لعَبدِ الرَّحمن بنِ سَمُرةَ: «إذا حَلَفْتَ على يمينٍ فرأيتَ غَيرَها خَيرًا منها؛ فأْتِ الَّذي هو خَيرٌ، وكفِّرْ عن يمينك» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (٥).

وَوَضْعُها في الأصل لتأكيد (٦) المحْلُوفِ عَلَيهِ؛ لقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ﴾ [يُونس: ٥٣]، و ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ﴾ [التّغَابُن: ٧].

ويَصِحُّ مِنْ كلِّ مُكلَّفٍ، مُختارٍ، قاصِدٍ لليَمِينِ.

ولا يَصِحُّ مِنْ غَيرِ مُكلَّفٍ؛ للخبر (٧)، ولِأنَّه قَولٌ يَتعلَّق به حقٌّ؛ فلم يَصِحَّ مِنْ غَيرِ مُكلَّفٍ كالإقرار، وفي الممَيِّز وَجْهٌ، قالَهُ في «المُذهب».


(١) في (م): باب.
(٢) في (م): واليمين.
(٣) في (م): ذكر.
(٤) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ١١٤، مراتب الإجماع ص ١٥٨.
(٥) أخرجه البخاري (٦٦٢٢، ٦٧٢٢)، ومسلم (١٦٥٢).
(٦) في (م): التأكيد.
(٧) مراده كما في المغني ٩/ ٤٨٧ حديث: «رفع القلم عن ثلاث»، وسبق تخريجه ١/ ٤٤٨ حاشية (١).