للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

وهي جَمْعُ شهادةٍ، وهي: الإخْبارُ عمَّا (١) شُوهِدَ أوْ عُلِمَ، ويَلزَمُ مِنْ ذلك اعتقادها (٢)، ومِن ثَمَّ كذَّبَ اللهُ المنافِقِينَ في قَولهم: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنَافِقون: ١]؛ لِأنَّ قُلوبَهم لم تُواطِئْ ألْسِنَتَهم، والشَّهادةُ يَلزَمُ منها ذلك، فإذا (٣) انتفى اللاَّزِمُ انْتَفَى الملزوم (٤)، وإذنْ لم يَصدُقْ إطْلاقُ ﴿نشهد﴾،

انتهَى (٥).

قال الجَوهَرِيُّ: (الشَّهادةُ خَبَرٌ قاطِعٌ) (٦)، فتطلق (٧) على التَّحمُّلِ، تَقُولُ: شَهِدتُ بمَعْنَى تحمَّلْتُ، وعلى الأداء، تَقُولُ: شَهِدْتُ عِنْدَ القاضِي شَهادَةً؛ أيْ: أدَّيْتُها، وعلى المشْهودِ به تَقُولُ: تحمَّلْتُ شَهادةً؛ يَعْنِي: المشْهودَ به.

واشْتِقاقُها مِنْ المشاهَدةِ؛ لأِنَّ الشَّاهِدَ يُخبِرُ عمَّا شاهَدَه، وتُسَمَّى بيِّنةً؛ لِأنَّها تُبَيِّنُ ما الْتَبس (٨)، وهي حجَّةٌ شرعيَّةٌ تُظْهِرُ الحقَّ ولا تُوجِبُه.

والإجْماعُ مُنعَقِدٌ على مَشروعِيَّتِها (٩)، وسَنَدُه قَولُه تعالَى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البَقَرَة: ٢٨٢]، ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطّلَاق: ٢]، ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البَقَرَة: ٢٨٢]، والسُّنَّةُ مُسْتَفِيضَةٌ بذلك، والحاجَةُ


(١) في (ن): بما.
(٢) في (ظ): انعقادها.
(٣) في (م): فإن.
(٤) في (م): اللزوم.
(٥) أي: من كلام الزركشي في شرحه. ينظر: شرح الزركشي ٧/ ٢٩٩.
(٦) ينظر: الصحاح ٢/ ٤٩٤.
(٧) في (ن): فيطلق.
(٨) في (م): ما لبس.
(٩) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٦٦، مراتب الإجماع ص ٥٢.