للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ)؛ لقَولِ عُمَرَ: «يُغَيِّرُ الرَّجُلُ ما شاء في وصيَّتِه» (١)، وهو اتِّفاقٌ في غَيرِ الوصيَّة بالعِتْق (٢)، ولأِنَّها عطيَّةٌ تَتَنَجَّزُ بالموت، فجاز له الرُّجوع عنها قَبْلَ تَنجِيزها، كهِبَةِ ما يَفْتَقِرُ إلى القَبْض قَبْلَ قَبْضِه.

وقال الشَّعْبِيُّ وغَيرُه: يُغَيِّرُ ما شاءَ مِنْها إلاَّ العِتْقَ؛ لأِنَّه إعْتاقٌ بَعْدَ الموت، فلم يَملِكْ تَغْيِيرَه (٣) كالتَّدْبِير.

وجَوابُه: بالمنْعِ، ولو سُلِّمَ؛ فالوصيَّةُ تُفارِقُ التَّدْبيرَ، فإنَّه تعليقٌ على شَرْطٍ، فلم يَمْلِكْ تَغْيِيرَه؛ كتَعْليقِه على صِفَةٍ في الحياة.

(فَإِذَا قَالَ: قَدْ رَجَعْتُ فِي وَصِيَّتِي، أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوَ نَحْوَ (٤) ذَلِكَ)؛ كَ: غَيَّرْتها، أو فَسَخْتُها؛ (بَطَلَتْ)؛ لأِنَّه صريحٌ في الرُّجوع.

(وَإنْ (٥) قَالَ فِي الْمُوصَى بِهِ: هذا لِوَرَثَتِي)؛ لأِنَّ ذلك يُنافِي كَونَه وصيَّةً، (أَوْ) قال: (مَا أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ فَهُوَ لِفُلَانٍ؛ كَانَ رُجُوعًا) بغَيرِ خِلافٍ


(١) أخرجه الدارمي (٣٢٥٤)، وابن حزم (٨/ ٣٩١)، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن أبي ربيعة. وأخرجه ابن وهب كما في المدونة (٤/ ٣٢٨)، عن عمرو بن شعيب، عن الحارث بن ربيعة. وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٠٨٠٤)، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن الحارث بن أبي ربيعة أو الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. والشك في اسمه لا يضر. قال الألباني في الإرواء ٦/ ٩٩: (سند صحيح، رجاله ثقات إن كان عمرو بن شعيب سمعه من عبد الله بن أبي ربيعة، فإن كان هذا عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المكي الصحابي، وإلا فلم أعرفه، وسكت عليه الحافظ في التلخيص)، وإن كان هو الصحابي فإن عمرًا لا يُعرف بالسماع منه. وأخرجه عبد الرزاق (١٦٣٧٩)، والدارمي (٣٢٥٨)، عن قتادة، عن عمر مرسلاً.
(٢) ينظر: تحفة الفقهاء ٣/ ٢٢٣، المعونة ١/ ١٦٤٤، الأم ٤/ ١٢٤، المغني ٦/ ١٨٨.
(٣) في (ق): تغيره.
(٤) في (ح): ونحو.
(٥) في (ظ): فإن.