للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ)

(إِذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ)، ولو مع أهْلِيَّةِ الشَّهادة، ولو أنَّه واحِدٌ، ذَكَرًا كان أو أُنْثَى، (بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ، فَصَدَّقَهُمْ، أَوْ كَانَ صَغِيرًا)، أوْ مجنونًا، وسَواءٌ كان مِنْ حُرَّةٍ أوْ أَمَةٍ، نَقَلَه الجماعةُ (١)؛ (ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِرْثُهُ)؛ لأِنَّه قَبِلَ قَولَ عبدِ ابنِ زَمْعَةَ لمَّا ادَّعَى نَسَبَ وليدةِ أبِيهِ (٢)، وقال: «هذا أخِي، وُلِدَ على فِراشِ أَبِي» (٣)، فأثْبَتَ نَسَبَه منه، ولأِنَّ الوارِثَ يَقُومُ مَقامَ مُوَرِّثِه في مِيراثِه ودُيونِه وسائرِ حقوقه، فكذا في النَّسَب، وإذا ثَبَتَ النَّسبُ ثَبَتَ الإرْثُ.

واشْتُرِطَ في البالِغِ العاقِلِ التَّصْديقُ؛ لأِنَّ الإقْرارَ بالنَّسَبِ إقْرارٌ، فاشْتُرِطَ تَصْديقُ المُقَرِّ له؛ كالإقْرار بالمال، وفي الصَّغير يُكْتَفَى بِصِغَرِه؛ لِعَدَم اعْتِبارِ قَوله، فقُبِلَ الإقْرارُ بنَفْسِه وإنْ لم يُصدِّقْه؛ كالمال.

وظاهِرُه: أنَّه يَثبُتُ النَّسبُ ولو مع وُجودِ مُنكِرٍ لا يَرِثُ لِمانِعِ رِقٍّ ونحوِه إنْ كان مَجهولَ النَّسب، وإلاَّ فَلَا، والإرْثُ إنْ لم يَكُنْ به مانِعٌ.

(سَوَاءٌ كَانُوا)؛ أي: المُقِرِّينَ (جَمَاعَةً أَوْ وَاحِدًا)؛ لأِنَّهم سَواءٌ في الإقْرار بالمال، فكذا في الإقْرار بغَيرِه.

(وَسَوَاءٌ كَانَ المُقَرُّ بِهِ يَحْجُبُ المُقِرَّ، أَوْ لَا يَحْجُبُهُ؛ كَأَخٍ يُقِرُّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ)، أو ابنِ ابْنٍ يُقِرُّ بابْنٍ للميِّت، فإنَّه يَثْبُتُ نَسَبُه وإرْثُه، ويَسقُطُ المقِرُّ، هذا هو المذْهَبُ، وقالَهُ شُرَيحٌ؛ لأِنَّه ثابِتُ النَّسب، لم يُوجَدْ في حقِّه مانِعٌ من الإرْث، فَدَخَلَ في عُمومِ النَّصِّ، والعِبرةُ بكَونِه وارِثًا حالةَ الإقْرار.

وقِيلَ: لا يَرِثُ مُسقِطٌ، اختاره أبو إسْحاقَ، وذَكَرَه الأَزَجِيُّ عن


(١) ينظر: الفروع ٨/ ٨٦.
(٢) في (ق): ابنه.
(٣) أخرجه البخاري (٢٢١٨)، ومسلم (١٤٥٧)، من حديث عائشة .