للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(بَابُ الْجَعَالَةِ)

هي بتَثْليث الجِيم، كما أفاده ابنُ مالِكٍ (١)، يُقالُ: جَعلْتُ له جُعْلاً: أوْجَبْتُ.

وقال ابنُ فارِسٍ: الجُعْلُ والجَعالَةُ والجَعِيلةُ: ما يُعْطاهُ الإنسانُ على أمْرٍ يَفعَله (٢).

وأصْلُها: قَولُه تعالى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ﴾ [يُوسُف: ٧٢]، وكان معلومًا عِندَهم؛ كالرِّشْق، وشَرْعُ مَنْ قَبْلَنا شَرْعٌ لنا، ما لم يَكُنْ في شَرْعنا ما يُخالِفُه، وحديثُ اللَّديغ (٣) شاهِدٌ بذلك (٤)، مع أنَّ الحِكْمةَ تَقْتضِيهِ، والحاجةَ تَدْعو إلَيهِ، فإنَّه قد لا يُوجَدُ مُتَبرِّعٌ، فاقْتَضتْ جوازَ ذلك.

(وَهِيَ أَنْ يَقُولَ) المطْلَقُ التَّصرُّفِ: (مَنْ رَدَّ عَبْدِي (٥)، أَوْ لُقَطَتِي، أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ)، وكذا سائرُ ما يُسْتأْجَرُ عَلَيهِ من الأعمال؛ (فَلَهُ كَذَا)، وهو أكثرُ من دِينارٍ أو اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهمًا، وإلاَّ فله ما قدَّره الشَّارِعُ؛ لأِنَّه في مَعْنى المعاوَضة، ويكون (٦) عَقْدًا جائزًا، لكلٍّ مِنْهما الرُّجوعُ فيه قَبْلَ العمل.

واقْتَضَى ذلك: أنْ لا يكونَ في يَدِه، فلو كانت اللُّقَطةُ في يَدِه، فَجَعَل له مالِكُها جُعْلاً لِيَرُدَّها؛ لم يُبَحْ له أخْذُه.

(فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعْلُ؛ اسْتَحَقَّهُ)؛ لأِنَّ العَقْدَ اسْتَقرَّ بِتَمام العَمَل، فاسْتَحقَّ الْجُعْلَ؛ كالرِّبح في المضارَبَة.


(١) ينظر: إكمال الإعلام بتثليث الكلام ١/ ١٠.
(٢) ينظر: مجمل اللغة ١/ ١٩١.
(٣) قوله: (اللديغ) سقط من (ح).
(٤) أخرجه البخاري (٢٢٧٦)، ومسلم (٢٢٠١)، من حديث أبي سعيد الخدري .
(٥) في (ح): حدي.
(٦) في (ظ): وتكون.