للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

قال الأَزْهَرِي (١): (القَضاءُ في الأصل: إحْكامُ الشَّيء والفَراغُ منه (٢)؛ لقوله تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ [فُصّلَت: ١٢]، ويكُونُ بمَعْنَى: إمْضاء الحُكْم، ومِنْهُ قَولُه تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسرَاء: ٤]؛ أيْ: أمْضَينَا وأنهينا (٣)، وسُمِّيَ الحاكِمُ قاضِيًا؛ لأِنَّه يُمْضِي الأحْكامَ ويُحكِمُها، ويكُونُ بمَعْنَى أوْجَبَ، فيَجُوزُ أنْ يكُونَ سُمِّيَ به؛ لِإيجابِه الحُكْمَ على مَنْ يَجِبُ عَلَيهِ) (٤).

واصْطِلاحًا: النَّظَرُ بَينَ المترافِعَينِ (٥) له؛ لِلإلْزامِ وفَصْلِ الخُصوماتِ.

والأصْلُ فيه: قَولُه تعالى: ﴿يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى﴾ [ص: ٢٦]، وقَولُه تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ﴾ [النِّسَاء: ٦٥]، وقَولُه : «إذا اجْتَهَدَ الحاكِمُ فأصابَ فله أجْرانِ، وإنْ أخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بنِ العاصِ (٦)، وأجْمَعَ المسْلِمُونَ على نَصْبِ القُضاة للفَصْل بَينَ النَّاس (٧).

(وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ)؛ كالإمامة (٨)، قال الشَّيخُ تقيُّ الدِّين: (قد أوْجَبَ النَّبيُّ


(١) قوله: (قال الأزهري) سقط من (م).
(٢) قوله: (منه) سقط من (م).
(٣) في (ن): ونهينا.
(٤) ينظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ١/ ٢٨٣.
(٥) في (م): المتوافقين.
(٦) أخرجه البخاري (٧٣٥٢)، ومسلم (١٧١٦).
(٧) ينظر: المغني ١٠/ ٣٢.
(٨) في (م): كالإمام.