للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الْعَارِيةِ)

هي بِتَخْفِيف الياء وتشديدها (١)، وأصْلُها: مِنْ عارَ، إذا ذَهَبَ وجاءَ، ومِنْهُ قِيلَ لِلْعَيَّار: بَطَّالٌ؛ لِتَرَدُّدِه في بَطالَتِه، والعَرَبُ تَقُولُ: أعارَهُ وعارَهُ؛ كأطاعَهُ وطاعَهُ.

قال الأصْحابُ تَبَعًا للجَوهَرِيِّ: هي مُشْتَقَّةٌ من العار (٢)، وفِيهِ شَيءٌ؛ لأِنَّ الشَّارِعَ فَعَلَها (٣).

وأصْلُ المادَّة فِيمَا قِيلَ: العُرْيُ: التَّجرُّدُ، فسُمِّي (٤) عارِيةً؛ لِتَجَرُّده عن العِوَضِ، كما تُسَمَّى النَّخْلةُ الموْهُوبةُ عَرِيَّةً؛ لِتَعَرِّيها عن العِوَض.

وقِيلَ: هو من التَّعاوُر؛ أي: التَّناوُب؛ لِجَعْلِه (٥) للغَير نَوبةً (٦) في الاِنْتِفاعِ.

وهي مُسْتحَبَّةٌ إجْماعًا (٧)، وسَنَدُه قَولُه تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِّرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المَائدة: ٢]، وقَولُه تعالَى: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)[المَاعون: ٧]، قال ابْنُ عَبَّاسٍ وابْنُ مَسْعُودٍ: «هي العَوارِي» (٨)،


(١) في (ح): وبتشديدها.
(٢) ينظر: الصحاح ٢/ ٧٦١.
(٣) سيأتي قريبًا تخريجه.
(٤) في (ح) و (ظ): يُسمَّى.
(٥) في (ق): كجعله.
(٦) في (ح) و (ظ): مؤنة، والمثبت موافق لما في شرح منتهى الإرادات ٢/ ١١.
(٧) ينظر: المغني ٥/ ١٦٣.
(٨) أثر ابن عباس : أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٦٣٧)، والطبري في التفسير (٢٤/ ٦٧٥)، والطحاوي في مشكل الآثار (١٤/ ٩١)، والبيهقي في الكبرى (٧٧٩٣)، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «هو المتاع»، وفي لفظ: «ما تعاطاه الناس»، وإسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة (١٠٦٣٢)، والطبري في التفسير (٢٤/ ٦٧٥)، والطحاوي في مشكل الآثار (١٤/ ٩١)، والطبراني في الكبير (١٢٣٥٤)، والحاكم (٣٩٧٦)، والبيهقي في الكبرى (٧٧٩٢)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله. قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ١٤٣: (رجاله رجال الصحيح).
وأثر ابن مسعود : أخرجه الطبري في التفسير (٢٤/ ٦٧١)، والطحاوي في مشكل الآثار (١٤/ ٨٩)، والطبراني في الكبير (٩٠٠٦)، والبيهقي في الكبرى (١١٤٦٩)، عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود عن (الماعون)، قال: «هو ما يتعاوره الناس بينهم، الفأس والقدر والدلو»، وإسناده صحيح، أبو العبيدين هو معاوية بن سبرة، ثقة.