للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَمَنْ أَتْلَفَ مَالاً مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ؛ ضَمِنَهُ) إذا كان بغَيرِ إذْنِه، بغَيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه (١)؛ لأِنَّه فَوَّتَه عليه بالإتْلاف فَضَمِنَه، كما لو غَصَبَه فَتَلِفَ عِندَه.

وشَرْطُه أنْ يكونَ «مالاً»؛ احْتِرازٌ عن الكَلْب والسِّرْجِينِ النَّجِس.

«مُحتَرَمًا» احْتِرازٌ عمَّا لَيسَ بمُحترَمٍ وإنْ كان مالاً؛ كآلة اللَّهو.

«لغَيرِه» يُحْتَرَزُ به عن نفسه؛ لأِنَّه لا يَجِب الضَّمانُ على مَنْ هو له.

ويُشْتَرَطُ فيه أنْ يكونَ معْصومًا، صرَّح به في «الوجيز» و «الفروع»؛ لأِنَّ ما لَيسَ بمَعْصومٍ لا يضمَن ماله، وزادا: «ومثله يضمنه»؛ يُحْتَرَزُ به عن الأب إذا أتْلَفَ مالَ ولده، والصبيِّ والمجنونِ إذا أتْلَفَا مالاً دَفَعَه مالِكُه إلَيهِما بشَرْطِه، وما تَلِفَ بَينَ أهل العَدْل والبُغاةِ.

وظاهِرُه: لا فَرْقَ فيه بَينَ الكبير والصغير، والمختارِ والمكره؛ لعُموم «مَنْ»، وهو وَجْهٌ في المكرَه.

وفي آخَرَ: يَضمَنُه مكرِهُهُ (٢) كدفعه مكرَهًا؛ لأِنَّه لَيسَ إتْلافًا.

وقِيلَ: المكرَهُ كمضطر (٣).

ويَرجِع في الأصحِّ على مَنْ أكْرَهَهُ إنْ جَهِلَ تحريمَه، وقيل: وعَلِمَه؛ لإباحة إتلافه.

وهل لربِّه مطالَبَةُ مُكرِهه؟ فيه وجْهانِ، فإنْ طالَبَهُ؛ رَجَعَ على المتْلِفِ إنْ عَلِمَ تحريمَه، إن قُلْنا: لا (٤) يَرجِعُ عَلَيهِ، وقيل: الضَّمانُ بَينَهُما، وكالعامِدِ والسَّاهِي.


(١) ينظر: الشرح الكبير ١٥/ ٢٩٧.
(٢) في (ح): بكرهه.
(٣) في (ح): المضطر.
(٤) قوله: (لا) سقط من (ق)، وقوله: (قلنا: لا) هي في (ح): لم.