للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْكَلَامِ)

(إِذَا قَالَ: إِنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَتَحَقَّقِي ذَلِكِ، أَوْ زَجَرَهَا، فَقَالَ: تَنَحَّيْ أَوِ اسْكُتِي، أَوْ قَالَ: إِنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ طَلَقَتْ)؛ لأِنَّه علَّق طلاقَها على كلامها، وقد وُجِدَ؛ لأِنَّ قَولَه: تحقَّقِي، وتَنَحَّيْ، واسْكُتِي، وإنْ قمتِ فأنتِ طالِقٌ؛ كلامٌ لها بعدَ عَقْدِ اليمين، إلاَّ أنْ يَنوِيَ كلامًا.

(وَيَحْتَمِلُ: أَلاَّ يَحْنَثَ بِالْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ بِيَمِينِهِ)، وعلَّله بقوله: (لِأَنَّ إِتْيَانَهُ بِهِ يَدُلُّ عَلَى إِرَادَتِهِ الْكَلَامَ الْمُنْفَصِلَ (١) عَنْهَا)؛ لأِنَّ القرينةَ تصرِفُ عمومَ اللَّفظ إلى خصوصه؛ إذْ قرينةُ الحال تَجعَلُ المطلَقَ كالمقيَّد بالمقال، وإنْ سَمِعَها تَذكُرُه، فقال: الكاذِبُ عليه لعنةُ الله حَنِثَ، نَصَّ عليه (٢)؛ لأِنَّه كلَّمَها.

فرعٌ: إذا قال: إنْ كلَّمتُكِ فأنتِ طالِقٌ، إنْ قمتِ فأنتِ طالِقٌ؛ طلَقَتْ في الحال طلقةً، وأخرى بالقيام إنْ كان دَخَلَ بها.

فإن (٣) قال: إنْ كلَّمْتُكِ فأنتِ طالِقٌ، وأعاده ثانيةً؛ فواحدةٌ، وإنْ ثالِثًا؛ فثانيةٌ، وإنْ رابعًا فثالِثةٌ، وتَبِينُ غيرُ المدخول بها بطلقةٍ، ولا يَنعَقِدُ ما بعدَها، ذَكَرَه القاضي، وجَزَمَ به في «المغْنِي»، وقدَّمه في «المحرَّر»، ثُمَّ قال: وعِنْدِي تَنعَقِدُ الثَّانيةُ بحَيثُ إذا تزوَّجَها وكلَّمها طَلقَتْ، إلاَّ على قَولِ التَّميميِّ: تحلُّ الصِّفة مع البينونة، فإنَّها قد انحلَّتْ بالثَّالثة؛ لأِنَّه قد كلَّمَها، ولا يَجيءُ مِثْلُه في الحلف بالطَّلاق؛ لأِنَّه لا يَنعَقِدُ؛ لعدم إمْكانِ إيقاعه، قال في «الفروع»: ويتوجَّهُ أنَّه لا فَرْقَ بَينَها وبَينَ مسألة الحَلِف السَّابقة.


(١) في (م): المتصل.
(٢) ينظر: المغني ٧/ ٤٥٩.
(٣) في (ظ): فلو.