للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ (١) بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ؛ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ) في الأصحِّ؛ لأِنَّها كلَّمَتْه، فلم يكُنْ كلامُه لها بعدَ ذلك ابتداءً، (إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ) أنَّه لا يَبدَؤُها في مرَّةٍ أخرى، وبَقِيَتْ يمينُها معلَّقةً، فإنْ بدأَها بكلامٍ؛ انحلَّتْ يَمينُها، وإنْ بَدَأَتْه هي؛ عَتَقَ عَبْدُها، ذَكَرَه الأصحابُ.

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَحْنَثَ بِبَدَاءَتِهِ إِيَّاهَا بِالْكَلَامِ فِي وَقْتٍ آخَرَ)، وعلَّله بقوله: (لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ)؛ لأِنَّ الحَلِفَ بمِثْلِ ذلك يُفهَمُ منه قَصْدُ هِجرانِ بَداءَته كلامَها، وذلك يَقتَضِي تعميمَ البَداءة في المجلس وغيرِه.

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ، فَلَمْ يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ، وَغَفْلَتِهِ)، أوْ لَغَطِه (٢)، أوْ ذُهوله؛ حَنِثَ، نَصَّ عليه (٣)؛ لأِنَّها كلَّمَتْه، وإنَّما لم يسمعْ (٤) لشغل قلبه (٥) وغَفْلته.

(أَوْ كَاتَبَتْهُ أْوْ رَاسَلَتْهُ؛ حَنِثَ)؛ لأِنَّ الكلامَ يُطلَقُ ويُرادُ به ذلك، بدليلِ صحَّة استثنائه (٦) منه في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً﴾ [الشّورى: ٥١]؛ لأِنَّ القَصْدَ بيمينه هجرانُه، ولا يَحصُلُ ذلك مع مُواصَلَته بالكتابة والرَّسول، إلاَّ أنْ يكونَ قَصَدَ أنْ تُشافهه (٧)، نَصَّ عليه (٨).

ويَحتَمِلُ: ألاَّ يَحنثَ إلاَّ أنْ يَنوِيَ تَرْكَ ذلك؛ لأِنَّ هذا لَيسَ بكلامٍ حقيقةً،


(١) في (م): لإن.
(٢) في (ظ): لفظه.
(٣) ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ١٥٤، الهداية ص ٤٤٣.
(٤) في (ظ): لم تسمع.
(٥) في (م): كلامه.
(٦) في (م): استثناء.
(٧) في (ظ): يشافهه.
(٨) ينظر: المغني ٧/ ٤٦٠.