للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ)

وهو جَمْعُ مِلَّةٍ، بكَسْرِ الميم إفْرادًا وجَمْعًا، وهي: الدِّينُ والشَّريعةُ.

(لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ)، قال أحمدُ: لَيسَ بَينَ النَّاس اخْتِلافٌ فيه (١)، وهو قَولُ جُمهورِ الصَّحابة والتَّابِعِينَ ومَنْ بَعدَهم (٢).

ورُوِيَ عن عُمرَ ومُعاذٍ ومُعاوِيَةَ خِلافُه (٣).


(١) ينظر: مسائل صالح ٣/ ١٣١.
(٢) منهم عمر : أخرج البخاري (١٥٨٨)، أنه قال: «لا يرث المؤمن الكافر»، وتقدم عدم توريث الكفار عن علي وزيد ٧/ ٦٣ حاشية (٣).
(٣) أثر عمر : أخرجه عبد الرزاق (١٠١٤٥، ١٩٢٩٤)، وابن عبد البر في التمهيد (٩/ ١٦٣)، عن الثوري، عن حماد، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب قال: «أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا»، مرسل، قال ابن الملقن في التوضيح ٣٠/ ٥٧٤: (ولم يصح).
قلنا: كذا لفظُهُ في المصنف والتمهيد، وساقه ابن عبد البر في قول من قال بالتوريث، وقد جاء في موطن آخر من المصنف بلفظ: «أهل الشرك لا نرثهم ولا يرثونا»، بزيادة: (لا)، وأخرجه عبد الرزاق (٩٨٥٦)، بالإسناد السابق، وأخرجه الثوري في الفرائض (٧)، بنفس الإسناد، من طريق نُعيم عن الثوري، وأخرجه الدارمي (٣٠٣٣)، عن محمد بن يوسف، عن سفيان به مثله. وأخرجه أيضًا سعيد بن منصور (١٤١)، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عمر بلفظ: «لا نرث أهل الملل ولا يرثوننا»، وروي عن عمر من غير طريق إبراهيم بهذا اللفظ أيضًا: أخرجه مالك برواية أبي مصعب الزهري (٣٠٦٣)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى (١٢٢٣٢)، عن سعيد بن المسيب، عن عمر. وهو المشهور الصحيح عن عمر كما قال ابن عبد البر في الاستذكار ٥/ ٣٦٨ وابن قدامة في المغني ٦/ ٣٦٧، وأما لفظ: «أهل الشرك نرثهم»، بدون (لا)؛ فمما تفرد به عبد الرزاق عن الثوري في أحد موطنيه من مصنفه، ورواية عبد الرزاق عن الثوري تُكلِّم في بعضها، فإما أن يكون الخطأ منه أو ممن روى عنه المصنف، والله أعلم.
وأثر معاذ : أخرجه ابن أبي شيبة (٣١٤٥٠)، وأحمد (٢٢٠٠٥)، وأبو داود (٢٩١٣)، والطبراني في الكبير (٣٣٨)، والحاكم (٨٠٠٦)، والبيهقي في الكبرى (١٢١٥٣)، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يَعْمَرَ، عن أبي الأسود الدؤلي، قال: أُتي معاذ بن جبل في رجل قد مات على غير الإسلام وترك ابنه مسلمًا، فورَّثه منه معاذ، وقال: سمعت رسول الله يقول: «الإسلام يزيد ولا ينقص»، وصححه الحاكم، قال الحافظ في الفتح ١٢/ ٥٠: (وتُعقِّب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ، ولكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجورقاني أنه باطل، وهي مجازفة)، ويؤيد الانقطاع: ما أخرجه أبو داود (٢٩١٢)، والبيهقي في الكبرى (١٢١٥٤)، عن عبد الله بن بريدة: أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يَعْمَرَ، يهودي ومسلم، فورَّث المسلمَ منهما، وقال: حدثني أبو الأسود، أن رجلاً حدثه، أن معاذًا حدثه، ثم ذكره. قال البيهقي: (وهذا رجل مجهول، فهو منقطع)، وبهذا أعله الألباني في ضعيف أبي داود ٢/ ٤٠٢. وأخرجه أحمد بن منيع كما في المطالب العالية (١٥٤٥)، والبزار (٢٦٣٦)، والطبراني في الكبير (٣٤٠)، عن يحيى بن يعمر، عن معاذ، هكذا مرسلاً. وقوَّى إسناده الحافظ في الفتح ١٢/ ٥٠.
وأثر معاوية : أخرجه الدارمي (٣٠٣٨)، وابن حجر في موافقة الخبر (٢/ ١٠٨)، عن الشعبي، عن مسروق، قال: «كان معاوية يورث المسلم من الكافر، ولا يورث الكافر من المسلم»، قال الحافظ: (موقوف صحيح). وروي عنه من وجوه أخرى عند سعيد بن منصور (١٤٧)، وابن أبي شيبة (٣١٤٥١)، وابن الأعرابي في الأوائل (١٥٥).