للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ الْمُوصَى إِلَيْهِ)

لا بأْسَ بالدُّخول في الوصيَّة؛ لِفِعْل الصَّحابة ، فرُوِي عن أبي عبيد (١): «أنَّه لَمَّا عبَر الفُرَات أوْصَى إلى عمرَ» (٢)، «وأوْصَى إلى الزُّبير ستَّةٌ من الصَّحابة؛ منهم: عُثمانُ، وابنُ مسعودٍ، وعبدُ الرَّحمن بنُ عَوفٍ» (٣)، ولأِنَّها وكالةٌ أشْبَهَت الوديعةَ.

وقِياسُ قَولِ أحمدَ: أنَّ عَدَمَ الدُّخول فيها أَوْلَى؛ لِمَا فِيها من الخَطَر، وهو لا يَعدِلُ بالسَّلامة شَيئًا؛ كما كان يَرَى عَدَمَ الالْتِقاط، وتَرْكَ الإحرام قَبْلَ الميقات، وحديثُ أبي ذرٍّ شاهِدٌ بذلك (٤).

(تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، عَاقِلٍ، عَدْلٍ)، مكلَّفٍ، رشيدٍ، إجْماعًا (٥)، ولو مسْتُورًا أوْ عاجِزًا، ويُضَمُّ إليهِ أمينٌ، (وَإِنْ كَانَ عَبْدًا)؛ لأِنَّه يصح (٦) اسْتِنابتُه في الحياة، فصحَّ أنْ يُوصَى إليه كالحُرِّ.

وظاهِرُه: لا فَرْقَ بين (٧) أنْ يكونَ عبْدًا للموصِي أوْ لغَيرِه، ذَكَرَه ابنُ حامِدٍ، لكِنْ إنْ كان لغَيرِه؛ اشْتُرِط إذْنُ سيِّده.


(١) في (ظ) و (ق): عبيدة. والمثبت هو الموافق لما في المصادر الحديثية، وهو أبو عبيد بن مسعود الثقفي.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٠٩١١)، ومن طريقه ابن عبد البر في الاستيعاب (٤/ ١٧١٠)، وابن حجر في الإصابة (٧/ ٢٢٣)، عن قيس بن أبي حازم به. وإسناده صحيح.
(٣) تقدم تخريجه ٦/ ٥٦١ حاشية (٢).
(٤) مراده ما أخرجه مسلم (١٨٢٦)، عن أبي ذر، أن رسول الله قال: «يا أبا ذر، إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرنَّ على اثنين، ولا تَوَلَّيَنَّ مالَ يتيم».
(٥) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٧٧.
(٦) في (ح): تصح.
(٧) قوله: (بين) سقط من (ح).