للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

وفيه فضْلٌ عظيمٌ، وفِي الحديث الصَّحيح: «كلُّ عملِ ابنِ آدَمَ له، الحسنةُ بعشْرِ أمثالِها إلَى سبعِمائةِ ضِعْفٍ، فيقول الله تعالَى: إلاَّ الصَّومَ، فإنَّه لِي، وأنا أجْزِي به» (١)، وهذه الإضافةُ للتَّشريف والتَّعظيم.

وأفضلُه صيامُ داودَ ، كان يَصومُ يومًا ويُفْطِر يومًا، لأِمْره عبدَ الله بنَ عمْرٍو قال: «هو أفضلُ الصِّيام»، قال: فإنِّي أُطِيقُ أفضل من ذلك، فقال: «لا أفضل مِنْ ذلِكَ» متَّفقٌ عليه (٢).

وشَرْطُه: أن لا يُضعِف البَدَنَ حتَّى يَعجِز عمَّا هو أفْضلُ؛ من القيام بحقوق الله تعالَى وحقوق عباده اللاَّزمة، فإنْ أضعف عَنْ شَيءٍ مِنْ ذلكَ؛ كان تركُه أفضلَ، ولهذا أشار الصَّادق فِي حقِّ داودَ : «ولَا يَفِرُّ إذا لَاقَى» (٣)، فمن حقِّ النَّفس: اللُّطْفُ بها حتَّى تُوصِل صاحبها إلَى المنزل.

(وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ) ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، بغير خلافٍ نعلمه (٤)، والأفْضلُ أنْ يَجْعَلَها (أَيَّامَ الْبِيضِ)، نَصَّ عليه (٥)؛ لما رَوَى أبُو ذرٍّ: أنَّ النَّبيَّ قال له (٦): «إذا صُمْتَ من الشَّهْر ثلاثةَ أيَّامٍ؛ فصُمْ: ثَلاثَ عَشْرةَ، وأرْبَعَ عشْرةَ، وخَمْسَ عشْرةَ» رواه التِّرمذيُّ وحسَّنه (٧)، سُمِّيت بِيضًا؛ لاِبْيِضاض لَيلِها كلِّه


(١) أخرجه مسلم (١١٥١)، بهذا اللفظ، ونحوه عند البخاري (٥٩٢٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٧٦)، ومسلم (١١٥٩).
(٣) كما في الرواية السابقة عند البخاري (١٩٧٦)، ومسلم (١١٥٩).
(٤) ينظر: الشرح الكبير ٧/ ٥١٦.
(٥) ينظر: زاد المسافر ٢/ ٣٤٧.
(٦) قوله: (له) سقط من (ب) و (د) و (ز) و (و).
(٧) أخرجه أحمد (٢١٤٣٧)، والترمذي (٧٦١)، والنسائي (٢٤٢٤)، وابن خزيمة (٢١٢٨)، قال الترمذي: (حديث حسن)، وله شاهد من حديث أبي هريرة ، وصححه ابن الملقن والألباني. ينظر: البدر المنير ٥/ ٧٥٣، الإرواء ٤/ ١٠٢.