للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

بدأ المؤلف بذلك اقتداءً بالأئمة، منهم الشافعي، لأنَّ آكَدَ أركان الدِّين بعد الشهادتين الصَّلاةُ، ولا بدَّ لها من الطَّهارة؛ لأنَّها شرطٌ، والشرط متقدِّم على المشروط، وهي تكون بالماء والتراب، والماءُ هو الأصل.

وبدؤوا بربع العبادات؛ اهتمامًا بالأمور الدينية، فقدَّموها على الدنيوية، وقدَّموا ربع المعاملات على النِّكاح وما يتعلق به؛ لأنَّ سبب المعاملات، وهو الأكل والشُّرب ونحوهما (١) ضروريٌّ يستوي فيه الكبير والصَّغير، وشهوته مقدَّمة على شهوة النِّكاح، وقدَّموا النِّكاح على الجنايات والمخاصمات؛ لأنَّ وقوع ذلك في الغالب إنَّما هو بعد الفراغ من شهوة البطن والفرج، وهذه مناسبة حسنة ذكرها المتولِّي في «تتمَّته» (٢).

ثمَّ اعلم أنَّ تعريف المركَّب متوقِّف على معرفة كلٍّ من مفرديه، فالكتاب والكَتْب مصدران، صرَّح به جماعة، وكتب يدور معناها على الجمع، يقال: كتبْت البغلةَ، إذا جمعت بين شُفْرَيْها بحلْقة أو سَير، قال سالم بن دارة:

لَا تَأْمَنَنَّ فَزارِيًّا خلوْتَ بهِ … على قَلوصك واكتُبْها بِأسْيارِ (٣)

أي: واجمع بين شُفريها بحلقة أو سير، والقَلوص في الإبل بمنزلة


(١) في (أ) و (و) و (ز): وغيرهما.
(٢) هو عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إبراهيم، أبو سعد ابن أبي سعيد المتولي، من أئمة الشافعية، أخذ عن القاضي الحسين، من مصنفاته: التتمة على إبانة شيخه الفوراني، وصل فيها إلى الحدود ومات، وله مختصر في الفرائض، وكتاب في الخلاف، ومصنف في أصول الدين على طريقة الأشعري، توفي سنة ٤٧٨ هـ. ينظر: طبقات الشافعية للسبكي ٥/ ١٠٦.
(٣) ينظر: خزانة الأدب ٣/ ٢٢٦.