للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَيَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ) إنْ كان باقِيًا؛ لِمَا روى عبدُ الله بن السَّائب، عن أبيه، عن جدِّه: أنَّ النَّبيَّ قال: «لا يَأخُذْ أحدُكم متاعَ أخيه (١) لاعِبًا ولا جادًّا، ومَنْ أخَذَ عَصَا أخيه فلْيَرُدَّها» رواه أبو داودَ (٢)، وقد أجمع العلماءُ (٣) على وُجوبِ رَدِّه إنْ كان بحالِه لم يتغيَّرْ، ولم يَشْتَغِلْ بغيره (٤)، ولأِنَّه أزالَ يدَ المالِكِ عن ملْكِه بغَيرِ حقٍّ؛ فلَزِمَتْه إعادتُه.

(إِنْ قَدَرَ عَلَى رَدِّهِ، وَإِنْ غَرِمَ عَلَيْهِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ)؛ لأِنَّه هو المتعدِّي، فلم يُنظَر إلى مصلحته، فكان أَوْلَى بالغرامة، وظاهِرُه: ولو بَعُدَت المسافةُ؛ لأِنَّه جَنَى بِتَعدِّيه، فكان ضَرَرُ ذلِكَ عَلَيهِ.

فإنْ قال الغاصِبُ: خُذْ مِنِّي أَجْرَ رَدِّهِ، وتسَلَّمْهُ مِنِّي ههُنَا، أوْ بَذَلَ له أكْثَرَ من قِيمته ولا يَستَرِدُّه؛ لم يَلزَم المالِكَ قَبولُه؛ لأِنَّها مُعاوَضةٌ، فلم يُجبَرْ عليها كالبيع.

وإن قال المالِكُ: دَعْهُ لي في مكانه الذي نَقَلْتَه إلَيهِ؛ لم يَمْلِك الغاصِبُ رَدَّهُ.

وإنْ قالَ: رُدَّهُ إلى بعْض الطَّريق؛ لَزِمَه.


(١) قوله: (أخيه) سقط من (ق).
(٢) أخرجه أبو داود (٥٠٠٣)، والترمذي (٢١٦٠)، والطبراني في الكبير (٦٣٠)، والبيهقي في الكبرى (١١٤٩٩)، قال الترمذي: (حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ذئب، والسائب بن يزيد له صحبة قد سمع من النبي أحاديث وهو غلام، وقُبِضَ النبيُّ وهو ابن سبع سنين، ووالده يزيد بن سعيد له أحاديث، هو من أصحاب النبي ، وحسنه البيهقي والألباني. ينظر: التلخيص الحبير ٣/ ١١٤، الإرواء ٥/ ٣٥٠.
(٣) ينظر: مراتب الإجماع ص ٥٩، الإقناع في مسائل الإجماع ٢/ ١٧٠.
(٤) في (ح): بغير.