للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا؛ صَحَّ)؛ لأِنَّه لو شَرَطَ الكلَّ لنفسه لَصَحَّ، فكذا إذا شَرَطَ البَعْضَ، بل هو مِنْ بابِ أَوْلى، يُؤيِّدُه: أنَّ شُعَيبًا زوَّجَ موسى ابنتَه على رِعايَةِ غَنَمِه، وذلك اشْتِراطٌ لنفسه؛ لأِنَّ للوالد الأَخْذَ مِنْ مالِ وَلَدِه؛ لِقَولِه : «أنْتَ ومالُكَ لأِبيكَ» (١)، ولقولِه : «إنَّ أطْيَبَ ما أكَلْتُم مِنْ كَسْبِكم، وإنَّ أوْلادَكم مِنْ كَسْبِكم» رواهُ أبو داودَ، والتِّرمِذِيُّ وحسَّنه (٢).

فإذا شَرَطَ شَيئًا لنفسه من مَهْرِ ابنتِه؛ كان ذلك أخْذًا من مالها، (وَكَانَا جَمِيعًا مَهْرَهَا)، وهذا في أبٍ يَصِحُّ تملُّكُه أوْ شَرْطُه له.

وحَكَى أبو عبد الله بن تَيميَّةَ (٣) روايةً: يَبطُلُ الشَّرْطُ وتَصِحُّ التَّسميةُ.

وقِيلَ: يَبطُلانِ، ويَجِبُ مَهْرُ المِثْل.

وعلى الأوَّل: شَرْطُه ما لم يُجْحِفْ بابْنَتِه، فإنْ أَجْحَفَ بها لم يَصِحَّ الشَّرطُ، وكان الجميعُ لها، ذَكَرَه القاضي وابنُ عَقِيلٍ والمؤلِّفُ، وضعَّفه الشَّيخُ تقيُّ الدِّين (٤)؛ لأِنَّه لا يُتصوَّرُ الإجْحافُ؛ لعَدَمِ ملْكها له، وظاهِرُ كلامِ أحمدَ (٥)، والقاضي في «تعليقه»، وأبي الخَطَّاب: أنَّه لا يُشتَرَطُ.


(١) تقدم تخريجه ٣/ ٣٨٩ حاشية (٤).
(٢) تقدم تخريجه ٦/ ٥٢٤ حاشية (٧).
(٣) هو: محمد بن الخضر بن محمد بن الخضر بن علي ابن تيمية، الحراني، فخر الدين، ولد سنة ٥٤٢ هـ، بحرَّان، كان مفسرًا، وخطيبًا، وواعظًا، وكان شيخ حران وخطيبها، توفي سنة ٦٢٢ هـ، من مصنفاته: التفسير الكبير، تخليص المطلب في تلخيص المذهب، ترغيب القاصد. ينظر: سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٢٨٨، المقصد الأرشد ٢/ ٤٠٦.
(٤) ينظر: شرح الزركشي ٥/ ١٩٦.
(٥) ينظر: مسائل ابن منصور ٤/ ١٥٢٦.