للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

شُرع لهذه الأمَّة ببركة نبيِّها محمَّد الاجتماعُ للعبادة في أوقاتٍ معلومةٍ، فمنها ما هو في اليوم واللَّيلة للمكتوبات، ومنها ما هو في الأسبوع؛ وهو صلاة الجمعة، ومنها ما هو في السَّنة متكرِّرًا؛ وهو صلاتا العيدين لجماعة كلِّ بلد (١)، ومنها ما هو عامٌّ في السَّنة؛ وهو الوقوف بعرفة؛ لأجل التَّواصُل والتَّوادُد وعدم التَّقاطع.

(وَهِيَ وَاجِبَةٌ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، عَلَى الرِّجَالِ، لَا شَرْطٌ)، نَصَّ عليه (٢)؛ وهو (٣) قول الأكثر (٤)، وقاله عَطاءٌ والأوزاعيُّ؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النِّسَاء: ١٠٢]، فأمر بالجماعة في حال الخوف، ففي غيره أولى، يؤكِّده قوله تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البَقَرَة: ٤٣]، وقد روى أبو هريرة: أنَّ النَّبيَّ قال: «أثقلُ الصَّلاةِ على المنافقينَ صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقامُ، ثمَّ آمُرُ رجلاً فيصلِّي بالنَّاس، ثمَّ أنطلقُ معي برجالٍ معهم حِزَمٌ (٥) من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصَّلاة؛ فأُحَرِّقُ عليهم بيوتَهم بالنَّارِ» متفق عليه (٦).

وعنه: شرطٌ، ذكرها في «الواضح» و «الإقناع»، وصحَّحها ابن عَقِيل؛ قياسًا على الجمعة؛ لما روى ابن عبَّاس: أنَّ النَّبيَّ قال: «مَنْ سمعَ النِّداءَ


(١) قوله: (كل بلد) هو في (أ): البلد.
(٢) ينظر: الانتصار ٢/ ٤٧٦.
(٣) في (د): هو.
(٤) كتب فوقها في (و): روي عن ابن مسعود وأبي موسى.
(٥) في (د): بحزم.
(٦) أخرجه البخاري (٦٥٧)، ومسلم (٦٥١).