للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ)، الباءُ زائدةٌ، كقَولك: مَرَرْتُ بأخيك بِزَيدٍ، ولا يجوز أنْ يكونَ (١) (بعَينه) تَوكيدًا؛ لأِنَّ «شَيئًا» نكرةٌ غَيرُ محدودةٍ، (فَتَلِفَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ بَعْدَهُ) قَبْلَ القَبُولِ؛ (بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ)، حَكاهُ ابنُ المنْذِر إجْماعَ مَنْ يَحفَظُ عنه من أهل العِلْم (٢)؛ لأِنَّ الموصَى له إنَّما يَسْتَحِقُّ المعيَّنَ، فإذا ذَهَبَ؛ زال حَقُّه، كما لو تَلِفَ في يده، والتَّرِكةُ في يَدِ الوَرثة غَيرُ مضمونةٍ عَلَيهم؛ لأِنَّها حَصَلَتْ في أيديهم بغَيرِ فِعْلِهم، ولا تفريطٍ منهم، فلم يَضْمَنُوا شَيئًا.

(وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ غَيْرَهُ)؛ أيْ: غَيرَ المعيَّن، (بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ)؛ لأِنَّ حُقوقَ الورثة لم تَتَعلَّقْ به؛ لِتَعْيينه للمُوصَى له، بدليلِ: أنَّه يَمْلِكُ أخْذَه بغَيرِ رضاهم، فتَعيَّنَ حقُّه فيه دُونَ سائر ماله، قال أحمدُ، فِيمَنْ خلَّفَ مائَتيْ دِينارٍ وعَبْدًا قِيمَتُه مائةٌ، ووصَّى لرجُلٍ بالعبد، فسُرِقَت الدَّنانيرُ بَعْدَ الموت: فالعَبْدُ للموصَى له (٣).

وفي «الرِّعاية»: إنْ تَلِفَت التَّركةُ - قَبْلَ القَبول - غَيْرَ الموصَى به معيَّنًا؛ فللمُوصَى له ثلثه إنْ مَلَكَه عِنْدَ القَبول، وإلاَّ كُلُّه.

وقال ابنُ حَمْدانَ: إنْ كان عِنْدَ الموت (٤) قَدْرَ الثُّلُث أو أقلَّ، وإلاَّ مَلَكَ منه بقَدْرِ الثُّلُث.

(وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ زَمَانًا؛ قُوِّمَ وَقْتَ الْمَوْتِ)؛ لأِنَّ الاِعْتِبارَ في قيمة الوصيَّة


(١) في (ق): أن تكون.
(٢) ينظر: الإجماع ص ٧٧.
(٣) ينظر: المغني ٦/ ٢٥٨.
(٤) قوله: (كان عند الموت) سقط من (ح).