للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الظِّهَارِ)

هو مُشْتَقٌّ من الظَّهْر، سُمِّيَ بذلك لِتَشْبيهِ الزَّوجة بظَهْرِ الأمِّ، وإنَّما خَصُّوا الظَّهْرَ دُونَ غَيرِه؛ لأِنَّه مَوضِعُ الرُّكوب؛ إذ المرأةُ مركوبةٌ إذا غُشِيَتْ، فقَولُه: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أُمِّي؛ أيْ: رُكوبُكِ للنِّكاح حرامٌ عليَّ كَرُكوبِ أُمِّي للنِّكاح، فأقامَ الظَّهْرَ مُقامَ الرُّكوب؛ لأِنَّه مَركوبٌ، وأقام (١) الرُّكوبَ مُقامَ النِّكاح؛ لأِنَّ النَّاكِحَ رِاكِبٌ.

ويُقالُ: كانت المرأةُ بالظِّهار تَحرُمُ على زَوجِها، ولا تُباحُ لغَيرِه، فنَقَلَ الشَّارعُ حكمَه إلى تحريمها بعدَ العَودِ ووجوبِ الكَفَّارة، وأبْقَى مَحَلَّه، وهو الزَّوجيَّة.

(وَهُوَ مُحَرَّمٌ)، إجْماعًا، حكاهُ ابن المنْذِرِ (٢)، وسَنَدُه قَولُه تعالى: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾ [المجَادلة: ٢]، وقَولُ المنْكَر والزُّور من أكْبَرِ الكبائر؛ للخَبَرِ (٣)، ومَعْناهُ: أنَّ الزَّوجةَ لَيستْ كالأمِّ في التَّحريم؛ لقَوله تعالى: ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾ [المجَادلة: ٢]، ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [الأحزَاب: ٤]، والسُّنَّةُ حديثُ أوْسِ بنِ الصَّامِت حِينَ ظاهَرَ من زَوجَتِه خويلة (٤) بنتِ مالِكٍ بنِ ثعلبةَ، فجاءت (٥) النَّبيَّ تَشْتكِيهِ، فأنْزَلَ اللهُ


(١) في (ظ): فأقام.
(٢) لم نقف عليه في كتب ابن المنذر.
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٥٤)، ومسلم (٨٧)، من حديث أبي بكرة مرفوعًا: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين» وجلس، وكان متكئًا فقال: «ألا وقول الزور».
(٤) قيل اسمها خويلة، وقيل: خولة. ينظر: الإصابة ٨/ ٧١.
(٥) زيد في (م): إلى.