للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ)

(وَإِذَا امْتَنَعَ الذِّمِّيُّ مِنْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ)، أو الصَّغار، قاله الشَّيخُ تقيُّ الدِّين (١)، (أَوِ التِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ؛ انْتَقَضَ عَهْدُهُ)؛ لأِنَّ الله تعالى أمر بقتالهم حتَّى يُعطُوا الجِزيةَ ويَلْتَزِموا أحكام الملَّة الإسلاميَّة؛ لأِنَّها نَسَخَت كلَّ حكمٍ يُخالِفُها، فلا يجوز بقاء العهد مع الاِمْتِناع.

زاد في «المغني» و «الشَّرح»: إذا حكم بها حاكِمٌ. ولم أرَه في غيرهما.

وسواء شُرِط عليهم ذلك أو لا.

وكذا إذا قاتلَنا، والأَشْهَر: أو لَحِق بدار الحرب مقيمًا؛ لأِنَّه صار حَرْبًا لنا؛ لدخوله في جُمْلة أهل الحرب.

(وَإِنْ تَعَدَّى عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلٍ)، وقيَّده أبو الخطَّاب في «خلافه الصَّغير»: بالعمد، (أَوْ قَذْفٍ، أَوْ زِنًى) بمسلمة، قال الشَّيخ تقيُّ الدِّين: ولو لم يَثبُت ببيِّنةٍ، بل اشتهر بين المسلمين (٢)، وفيه شَيءٌ، (أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ، أَوْ تَجَسُّسٍ، أَوْ إيواءِ جَاسُوسٍ، أَوْ ذَكَرَ اللهَ تَعَالَى، أَوْ كِتَابَهُ، أَوْ رَسَولَهُ (٣) بِسُوءٍ؛ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ):

إحداهما: يَنتقِض، اختاره القاضي والشَّريف، وجزم به في «الوجيز»، وقدَّمه في «المحرر» في غير القذْف؛ لِمَا رُوِي عن عمرَ: أنَّه رُفِع إليه ذِمِّيٌّ أراد استكراه مسلمةٍ على الزنى، فقال: «ما على هذا صالَحْناكم»، وأمر به فصُلِب في بيت المقْدِس (٤)، وقيل لابن عمر: إنَّ راهبًا يَشتُم رسولَ الله ، فقال:


(١) ينظر: الفروع ١٠/ ٣٥٢، الاختيارات ص ٤٦١.
(٢) ينظر: الفروع ١٠/ ٣٥٢، الاختيارات ص ٤٢٦.
(٣) في (ح): ورسوله.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٨٨٣٧)، وأبو عبيد في الأموال (٤٨٦)، وابن زنجويه (٧٠٨)، والحارث في مسنده (٥٢٠)، وابن وهب كما في مسند الفاروق (٢/ ٤٩٦)، والخلال في أحكام أهل الملل (٧٦٤)، والبيهقي في الكبرى (١٨٧١٢)، وابن عساكر في تاريخه (٤٧/ ٤٠)، من طرق عن مجالد، عن الشعبي، عن سويد بن غفلة، وذكر القصة. ومجالد بن سعيد ضعيف، وقد تابعه ابن أشوع: أخرج أحمد كما في أحكام أهل الملل (٧٦٣)، والطبراني في الكبير (٦٤)، وابن عساكر في تاريخه (٤٧/ ٣٩)، عن ابن أشوع، عن الشعبي، عن عوف بن مالك. رجاله ثقات، قال ابن عساكر: (الشعبي لم يسمعه من عوف، إنما رواه عن سويد بن غفلة عن عوف)، وعلى هذا؛ فالأثر صحيح عن عمر ، وقد احتج به أحمد مرارًا كما في أحكام أهل الملل.