للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ)؛ أيْ: إذا أَطْلَقَ، وكان العَقْدُ وَقَعَ على عَينٍ؛ كأرْضٍ ودارٍ ونحوِهما، أوْ ذِمَّةٍ؛ لأِنَّ المؤْجِرَ يَملِكُ الأُجْرةَ بنَفْس العَقْد، كما يَمْلِك البائِعُ الثَّمَنَ بالبيع، وحِينَئِذٍ تكونُ حالَّةً، مِنْ نَقْدِ بَلَدِ العَقْدِ إن لم يَشْتَرِطا غَيرَه.

وقال طائفةٌ: لا يَمْلِكُها، ولا يَسْتَحِقُّ المطالَبَةَ بِها إلاَّ يَومًا بِيَومٍ، إلاَّ أنْ يَشْتَرِطَ (١) تَعْجِيلَها؛ لقَولِه تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطّلَاق: ٦]، أمر (٢) بإيتائهِنَّ بَعْدَ الرَّضاع، ولِقَولِه : «ورَجُلٌ اسْتأَجَر أجيرًا؛ فاسْتَوْفَى منه، ولم يُوفِّه أجْرَه» (٣)، ولأِنَّه عِوَضٌ لم يُمْلَكْ، فلم يَجِبْ تسليمُه، كالعِوَضِ في العَقْد الفاسِدِ.

وجوابُه: بأنَّه عِوَضٌ أُطْلِقَ في عَقْدِ مُعاوَضَةٍ، فَيُسْتَحَقُّ بِمُطْلَق العَقْد؛ كالثَّمَن والصَّداق، وله الوطْءُ.

وأمَّا الآيةُ؛ فيحتمل (٤) أنَّه أراد الإِيتاءَ عِنْدَ الشُّروع في الرَّضاع، أوْ تَسْليمِ نَفْسها، ويُحقِّقه (٥): أنَّ الإِيتاءَ في وَقْتٍ لا يَمنَعُ وُجوبَه قَبْلَه؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [النِّسَاء: ٢٤]، والصَّداقُ يَجِبُ قَبْلَ الاِسْتِمْتاعِ، مع أنَّهما إنَّما وَرَدَا فِيمَن اسْتُؤْجِرَ على عَمَلٍ، فأمَّا ما وَقَعَت


(١) في (ق): يشرط.
(٢) في (ح): وأمر.
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٧٠) من حديث أبي هريرة ، بلفظ: «ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه، ولم يعطه أجره»، وأخرجه أحمد (٨٦٩٢) باللفظ الذي ذكره المصنف.
(٤) في (ح): فتحتمل.
(٥) في (ظ): تحققه.