للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فَصْلٌ)

(وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا دُونَ النِّصْفِ)، نَصَّ عَلَيهِ (١)، ولا نَعلَمُ فِيهِ خِلافًا (٢)؛ لِأنَّه لغة (٣) العَرَب، قال الله تعالَى: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ [العَنكبوت: ١٤]، وقال النَّبيُّ : «الشَّهِيدُ تُكفَّرُ عنه خَطاياهُ كلُّها إلَّا الدَّينَ» (٤)، ولأنَّ (٥) الاِسْتِثْناءَ يَمنَعُ أنْ يَدخُلَ في الإقْرار ما لَوْلاهُ لَدَخَلَ، ولا يَرفَعُ ما ثَبَتَ؛ لِأنَّه لو ثَبَتَ بالإقْرارِ شَيءٌ؛ لم يَقدِرِ المُقِرُّ على رَفْعِه، فيَصِحُّ اسْتِثْناءُ ما دُونَ النِّصفِ.

(وَلَا يَصِحُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ)؛ أيْ: لا يَصِحُّ اسْتِثناءُ الأكْثَرِ، لا يَختَلِفُ المذْهَبُ فِيهِ، قالَهُ في «الشَّرح»، وصحَّحه في «المحرَّر» و «الرِّعاية»، وجَزَمَ به السَّامَرِّيُّ وغَيرُه، وذكره ابنُ هُبَيرةَ عن أحمدَ، وأبي يُوسُفَ، وعَبدِ الملِكِ بنِ الماجشون، وهو قَولُ أهْلُ اللُّغة.

وقِيلَ: يصحُّ (٦)، وهو قَولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْم؛ لقوله تعالَى: ﴿ … فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)[ص: ٨٢ - ٨٣]، وهم أكثرُ، بدليلِ قَولِه تعالَى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)[يُوسُف: ١٠٣]، ومِنهُ قَولُ الشَّاعِر (٧):


(١) ينظر: المحرر ٢/ ٤٥٤.
(٢) ينظر: المغني ٥/ ١١٤.
(٣) في (ن): لغو.
(٤) أخرج مسلم (١٨٨٦)، من حديث عبد الله بن عمرو ، بلفظ: «يُغفر للشهيد كلّ ذنبٍ إلَّا الدّين».
(٥) في (م): وكان.
(٦) قوله: (وهو قول أهل اللغة، وقيل يصح) سقط من (م).
(٧) ذكره أبو حيان في التذييل والتكميل ٨/ ٢٥٧، ولم ينسبه لأحد، ويأتي كلام ابن فضَّال أنه قال: (هو بيت مصنوعٌ لم يثبت عن العرب).