للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدُّوا الَّتي نَقَصَتْ تِسْعِينَ مِنْ مائةٍ … ثُمَّ ابْعَثُوا حَكمًا بالحقِّ قَوَّامَا

وكاسْتِثْناءِ الأَقَلِّ، وكالتَّخصيص.

والجَوابُ: أنَّه لم يَرِدْ في لِسانِ العَرَبِ، وقد أنْكَرُوهُ، قال الزَّجَّاجُ: (لم يَأْتِ الاِسْتِثْناءُ إلَّا في القليلِ من الكثيرِ) (١)، ولَوْ قال: مِائةً إلاَّ تِسْعةً وتِسْعِينَ؛ لم يكُنْ مُتكلِّمًا بالعربيَّة، ومَعْناهُ قَولُ القُتَيبيِّ وغَيرِه، وما احْتَجُّوا مِنْ التَّنزيل، أُجِيبَ عنه: بأنَّه اسْتِثناءُ المخْلَصِينَ مِنْ بَنِي آدَمَ، وهم أقلُّ، والغاوين (٢) من العباد، وهم أقَلّ؛ لأِنَّ الملائكةَ كلَّهم طائعونُ، والبَيتُ لَيسَ فِيهِ اسْتِثْناءٌ، مع أنَّ ابنَ فَضَّالٍ النَّحْوِيَّ (٣) قال: هو بَيتٌ مَصْنوعٌ؛ لم يَثبُتْ عن العَرَب (٤).

(وَفِي اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَجْهَانِ)، وذَكَرَ أبو الفَرَج رِوايَتَينِ:

أحدهما (٥): أنَّه (٦) يَصِحُّ، وهو ظاهِرُ الخِرَقِيِّ، وصحَّحه في «الرِّعاية»، وذَكَرَ ابنُ هُبَيرةَ: أنَّه ظاهِرُ المذْهَب؛ لِأنَّه لَيسَ بالأكثَرِ.

والثَّانِي: لَا، وهو قَولُ أبي بكرٍ.

وذَكَرَ في «الشَّرح»، وابنُ المنَجَّى: أنَّه أَوْلَى؛ لِأنَّه لم يَأْتِ في لِسانِهم إلَّا في القليل من الكثيرِ.

فرعٌ: حُكْمُ الاستثناء (٧) بسائرِ أدَوَاتِه؛ حُكْمُ الاِسْتِثْناءِ بإلَّا، فإذا قال: له


(١) ينظر: معاني القرآن للزجاج ٤/ ١٦٤.
(٢) قوله: (أقل والغاوين) في (م): أهل الغاوين.
(٣) هو: علي بن فضال بن علي بن غالب أبو الحسن، المجاشعي، التميمي، المفسر، إمام النحو، اشتهر بالفرزدقي؛ لاتصال نسبه بالفرزدق الشاعر، من مصنفاته: الدول، الإكسير في التفسير، شرح عنوان الأدب، توفى سنة ٤٧٩ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ٥٢٨.
(٤) ينظر: المغني ٥/ ١٣٠.
(٥) في (م): إحداهما.
(٦) زيد في (م): لا.
(٧) في (م): الأكثر.