للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(بَابُ الشُّفْعَةِ)

هي بإسْكانِ الفاء، مَأْخُوذَةٌ مِنْ الشَّفاعة، أو الزِّيادةِ، أو التَّقْوِيَة، أوْ مِنْ الشَّفْع، وهو أحْسَنُها؛ لأِنَّ الشَّفْعَ هو الزَّوجُ، فإنَّ الشَّفِيعَ كان نَصِيبُه مُنفَرِدًا في ملْكِه، فبالشُّفْعةِ ضَمَّ المبِيعَ إلى ملْكِه.

وبالثَّانِي جَزَمَ به بَعْضُ أهلِ اللُّغة؛ لأِنَّ نَصِيبَه كان وتْرًا، فصار شَفْعًا.

والشَّافِعُ هو الجاعِلُ الوتْر شَفْعًا، والشَّفِيعُ فَعِيلٍ بمعنى (١) فاعِلٍ.

وهي ثابِتةٌ بالسُّنَّةِ، فَرَوَى جابِرٌ: «أنَّ النَّبيَّ قَضَى بالشُّفْعةِ في كلِّ ما (٢) لم يُقْسَمْ، فإذا وَقَعَتِ الحُدودُ، وصُرِفَتِ الطُّرُقُ؛ فلا شُفْعَةَ» رواه أحْمدُ والبُخارِيُّ (٣)، وبالإجْماع حكاهُ ابنُ المنْذِر (٤)، قال في «المغْنِي»: ولا نعلم (٥) أحدًا خَالَفَ فِيهَا إلاَّ الأصمَّ، فإنَّه قال: لا يَثْبُتُ؛ لِمَا فيه من الإضْرار بأرباب الأمْلاكِ؛ لِتَقاعُس النَّاس عن الشِّراء حَيثُ عَلِمُوا انْتِزاعَ ما يشترونه، وجَوابُه: بأنَّه يَندَفِعُ ذلك بالمقاسمة (٦).

وأَعْقَبَ الشُّفْعةَ للغَصْب؛ فإنَّها تُؤخَذُ قَهْرًا، فكأنَّها مُسْتَثْناةٌ من تحريمِ أخْذِ مالِ الغَيرِ قَهْرًا.

(وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ الْإِنْسَانِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا)، هذا بَيانٌ لِمَعْناها، ولا يَخْفَى ما فِيهِ من الاِحْتِراز، لكِنَّهُ غَيرُ جامِعٍ؛ لخُروجِ الصُّلحِ بمَعْنَى البَيعِ، والْهِبةِ بشَرْطِ الثَّواب، ولا مانِعَ؛ لأِنَّه يَرِدُ عَلَيهِ الكافِرُ، ولا


(١) في (ح): معنى.
(٢) في (ح): مال.
(٣) أخرجه أحمد (١٥٢٨٩)، والبخاري (٢٢١٤)، ولمسلم (١٦٠٨) بمعناه.
(٤) ينظر: الإجماع ص ٩٩.
(٥) في (ح): ولا يعلم.
(٦) في (ظ): بالقاسمة.