للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ حُكْمِ كِتَابِ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي)

وهو ثابِتٌ بالإجماع (١)، وسَنَدُه قَولُه تعالى: ﴿إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾ [النَّمل: ٢٩]، وكَتَبَ النَّبيُّ إلى كِسْرَى، وقَيصَرَ، والنَّجاشِيِّ، ومُلوكِ الأطْرافِ (٢)، وكان يَكتُبُ إلى عُمَّاله وسُعاتِه (٣)، والحاجةُ داعِيَةٌ إلى قَبوله، فإنَّ مَنْ له حقٌّ في بَلَدٍ غَيرِ بَلَدِه لا يُمكِنُه إثباته (٤)، ولا مُطالَبَتُه إلاَّ بكتابِ القاضي، وذلك يَقتَضِي وُجوبَ قَبولِه.

(يُقْبَلُ كِتَابُ الْقَاضِي إِلَى الْقَاضِي فِي المَالِ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ (٥) الْمَالُ؛ كَالْقَرْضِ، وَالْغَصْبِ، وَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالصُّلْحِ، وَالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَالْجِنَايَةِ المُوجِبَةِ لِلْمَالِ)، بغَيرِ خِلافٍ نَعلَمُه (٦)؛ لِأنَّ هذا في مَعْنَى الشَّهادة على الشَّهادة.

(وَلَا يُقْبَلُ (٧) فِي حَدٍّ للهِ (٨) تَعَالَى)، جَزَمَ به في «المستوعب» و «المحرَّر» و «الشَّرح»؛ لِأنَّه مَبنِيٌّ على السِّتْر، والدَّرء بالشُّبُهات، والإسْقاطِ بالرُّجوع، وفِيهِ رِوايَةٌ في «الرِّعاية»، قاله مالِكٌ وأبو ثَورٍ (٩).


(١) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٦٥، مراتب الإجماع ص ٥١.
(٢) أخرجه مسلم (١٧٧٤)، من حديث أنس : «أن نبيّ الله كتب إلى كسرى، وإلى قيصرَ، وإلى النجاشيّ، وإلى كلِّ جبّارٍ يدعوهم إلى الله تعالى».
(٣) ممّا ورد في ذلك: ما أخرجه البخاري (٧١٩٢)، في حديث القسامة عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه، وفيه: فكتب رسول الله إليهم به، فكتب ما قتَلناه.
(٤) في (ظ): إتيانه.
(٥) في (م): منه.
(٦) ينظر: الشرح الكبير ٢٩/ ٨.
(٧) في (ن): ولا تقبل.
(٨) في (م): الله.
(٩) ينظر: المدونة ٤/ ٥٢١، المعونة ص ١٥٤٦.