للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ)

(وَهِيَ سِتَّةٌ) على المذْهَبِ:

(أَحَدُهَا: الْبُلُوغُ)؛ لِأنَّ غَيرَ البالِغِ كالصَّبِيِّ، (فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ) على المشْهور في المذْهَب، وصحَّحه القاضِي والسَّامَرِّيُّ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البَقَرَة: ٢٨٢]، ولا شكَّ أنَّ الصَّبِيَّ لَيسَ مِنْ رجالنا (١)، ولَيسَ مِمَّنْ يُرْضَى، وقد أخْبَرَ اللهُ تعالَى أنَّ الشَّاهِدَ الكاتِمَ شَهادَتَه آثِمٌ، والصَّبِيُّ لَيسَ بآثِمٍ، فَدَلَّ على أنَّه لَيسَ بشاهِدٍ، ورَواهُ سعيدٌ بإسْنادٍ جَيِّدٍ عن ابْنِ عبَّاسٍ (٢)، ولِأنَّه لا تَحصُلُ الثقةُ (٣) بقَولِه؛ لِعَدَم خَوفِه مِنْ مَأثَمِ الكَذِبِ، ولِأنَّ مَنْ لا يُقبَلُ قَولُه على نفسه في الإقرار؛ لا تُقْبَلُ شَهادَتُه على غَيرِه؛ كالمجْنونِ.

(وَعَنْهُ: تُقْبَلُ مِمَّنْ هُوَ فِي حَالِ أَهْلِ العَدَالَةِ (٤)؛ لأنَّه يُمكِنُه ضَبْطُ ما يَشْهَدُ به، فقُبِلَتْ؛ كالبالِغِ.

واسْتَثْنَى ابْنُ حامِدٍ مِنها: الحُدودَ والقِصاصَ، فلا (٥) تُقبَلُ شَهادَتُه


(١) في (ن): رجالكم.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في تفسيره (٤٥٥)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٦٠٩)، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، قال: كتبت إلى ابن عبّاس أسأله عن شهادة الصبِّيان، فكتب إليَّ: «إن الله ﷿ يقول: ﴿مِمَنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾، فليسوا ممن نرضى، لا تجوز»، وأخرجه عبد الرزاق (١٥٤٩٤)، أخبرني ابن جريج، أخبرني عبد الله بن أبي مليكة، أنه أرسل إلى ابن عبّاس، وهو قاضٍ لابن الزبير يسأله عن شهادة الصبيان؟ فقال: «لا أرى أن تجُوز شهادتهم، إنّما أمرنا الله ممن نرضى، وإن الصّبيَّ ليس برضيٍّ»، وسندهما صحيح.
(٣) في (ن): البينة.
(٤) في (م): العدل.
(٥) في (م) و (ن): فلم.