للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

(الثَّالِثُ: أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)، قاله ابنُ عبَّاسٍ (١)، وهو المشهورُ عن أحمدَ (٢)؛ لأِنَّه لم يَمنَعْ نفسَه من الوطء باليمين أكثرَ من أربعةِ أشهر (٣)، فلم يكن مُولِيًا؛ كما لو حلف على ترْكِ قُبْلَتِها، ولأِنَّ الله تعالى جعل له تربُّصَ أربعةِ أشْهُرٍ، فإذا حَلَفَ على أربعةِ أشهر (٤) فما دونَها؛ فلا معنى للتَّربُّص؛ لأِنَّ مدَّةَ الإيلاء تَنقَضِي قبلَ ذلك أو مع انقضائه، وتقدير التَّربُّص بأربعةِ أشْهُرٍ يقتضي (٥) كَونَه في مُدَّةٍ تَناوَلَها الإيلاءُ، ولأِنَّ المطالَبةَ إنَّما تكون بعدَها، فإذا انقضت مدَّتُها فما دونُ لم تَصِحَّ المطالَبةُ من غير إيلاءٍ، فلو قال: واللهِ لا وَطِئْتُكِ، كان مُولِيًا؛ لأِنَّه يَقتَضِي التَّأبيدَ.

وعنه: أنَّه (٦) إذا حَلَفَ على أربعةِ أشْهُرٍ كان مُولِيًا، ذَكَرَها القاضي أبو الحُسَين، وقاله عَطاءٌ والثَّوريُّ؛ لأِنَّه يَمتَنِعُ عن الوطء باليمين أربعة


(١) أخرجه سعيد بن منصور (١٨٨٤)، والطبراني في الكبير (١١٣٥٦)، والبيهقي في الكبرى (١٥٢٣٧)، عن ابن عباس قال: «كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين، وأكثر من ذلك، فوقَّت الله ﷿ أربعة أشهر، فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء»، فيه الحارث بن عبيد، متكلم فيه، وقال في التقريب: (صدوق يخطئ)، وتابعه ابن أبي عروبة عند سعيد بن منصور (١٨٨٥)، والشافعي في الملحق بالأم (٧/ ١٦٧)، وابن أبي شيبة (١٨٥٨٨)، ولفظه: «إذا آلى من امرأته شهرًا أو شهرين أو ثلاثة، ما يبلغ الحد؛ فليس بإيلاء»، وصحح الحافظ إسناده في الدراية ٢/ ٧٤.
(٢) ينظر: مسائل أبي داود ص ٢٤٢، مسائل ابن منصور ٤/ ١٦٤٣.
(٣) قوله: (قاله ابن عباس … ) إلى هنا سقط من (م).
(٤) قوله: (أشهر) سقط من (م).
(٥) في (م): تقتضي.
(٦) قوله: (أنه) سقط من (م).