للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مكاتَبَةٍ (١) لسيِّده احْتِمالانِ.

(وَكُلَّ مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمَالِ)؛ أيْ: يَملِكُ كلَّ تصرُّفٍ فيه صلاحُ المال؛ كأداء أرْشِ الجناية، وجَرَيانِ الرِّبا بَينَهما؛ لأِنَّه صار لِمَا بَذَلَه من العِوَضِ كالحرِّ، وله المطالبة بالشُّفْعة، والأخْذُ بها من سيِّده ومِنْ غَيرِه، وعَكْسُه لو اشْتَرَى المكاتَبُ شِقْصًا لسيِّده فيه شِرْكٌ (٢)؛ فله الأخْذُ بالشُّفعة من المكاتَب.

(وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُسَافِرَ، وَلَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ؛ فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ):

أحدهما: إذا شَرَط عليه أنْ لا يُسافِرَ، فهو شرطٌ باطلٌ، قاله القاضي وجَمْعٌ؛ لأِنَّه يُنافِي مُقتَضَى العَقْدِ، فلم يَصِحَّ شَرْطُه؛ كشَرْطِ تَرْكِ الاِكْتِساب.

والثَّاني، وقاله أبو الخَطَّاب، وهو الأصحُّ: أنَّه يَصِحُّ شَرْطُه؛ لأِنَّ له فيه فائدةً، فَلَزِمَ كما لو شَرَطَ نَقْدًا معلومًا، فَعَلَيهِ لسيِّده مَنْعُه منه، فإنْ سافَرَ فله ردُّه إنْ أمْكَنَه، وإلاَّ مَلَكَ تعجيزَه وردَّه إلى الرِّقِّ؛ لأِنَّه لم يَفِ بشَرْطه.

وقِيلَ: لا يَملِكُ ذلك؛ كإمْكانِه ردَّه.

وأمَّا إذا شَرَطَ عليه أنْ لا يسأل النَّاس؛ فقال أحمدُ (٣): قال جابِرُ بنُ عبد الله: «هم على شُروطِهم» (٤)، فظاهِرُه: أنَّ الشَّرْطَ لازِمٌ، وهو الأصحُّ، وأنَّه إنْ خالَفَ مَرَّةً؛ لم يُعجِّزْه، بخلاف المرَّتَينِ فأكثرَ، قال أبو بَكْرٍ: إذا رآه يَسألُ النَّاسَ (٥) مرَّةً في مرَّةٍ؛ عَجَّزه، كما إذا حلَّ نجمٌ في نَجْمٍ، ولأِنَّ فيه


(١) في (ق): مكاتبه.
(٢) في (ق): شركة.
(٣) ينظر: المغني ١٠/ ٣٩٧.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (١٥٧١٧)، والطحاوي في معاني الآثار (٤٧٢٤)، والبيهقي في الكبرى (٢١٦٨٢)، وابن حجر في التغليق (٣/ ٤١٤). وإسناده صحيح، وعلقه البخاري بصيغة الجزم (٣/ ١٩٨).
(٥) قوله: (الناس) سقط من (ق).