للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غَرَضًا صحيحًا، وهو أنْ لا يكونَ كَلًّا على النَّاس، ولا يُطعِمَه من صدقتهم وأوْساخهم.

وذَكَرَ أبو الخَطَّاب: أنَّه لا يَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لأِنَّه تعالى جَعَلَ لهم سَهْمًا من الصَّدقة، فلا يَصِحُّ الاِشْتِراطُ حِينَئِذٍ، كما لا يَصِحُّ شَرْطُ نَوعٍ من التِّجارة.

فَرْعٌ: إقْرارُ المكاتَب بالبيع والشِّراء والعَيب والدَّين؛ صحيحٌ؛ لأِنَّ مَنْ مَلَكَ شَيئًا مَلَكَ الإقْرارَ به، ويتعلَّقُ دَينُه بِذِمَّته (١)؛ لأِنَّه في يَدِ نَفْسِه، فَلَيسَ من السَّيِّد غُرورٌ، بخِلافِ المأْذونِ له.

(وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَلَا يَتَسَرَّى، وَلَا يَتَبَرَّعَ، وَلَا يُقْرِضَ، وَلَا يُحَابِيَ، وَلَا يَقْتَصَّ مِنْ عَبْدِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِ رَقِيقِهِ، وَلَا يُكَاتِبَ إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ)، وفِيهِ مَسائِلُ:

الأولى: لَيس للمكاتَبِ أنْ يَتزَوَّجَ إلاَّ بإذْنِ السَّيِّد في قَولِ عامَّتهم.

وقِيلَ: له ذلك، بخلاف المكاتَبَةِ؛ لأِنَّه عَقْدُ مُعاوَضةٍ كالبيع.

ورُدَّ: بأنَّه يَدخُلُ في قَوله : «أيُّما عبدٍ تزوَّجَ بغَيرِ إذْنِ سيِّده؛ فهو عاهِرٌ» (٢)، ولأِنَّ على السَّيِّد في ذلك ضَرَرًا؛ لأِنَّه يَحتاجُ أنْ يؤدِّيَ المهرَ


(١) في (ق): وتتعلق ذمته بذمته.
(٢) أخرجه أحمد (١٤٢١٢)، وأبو داود (٢٠٧٨)، والترمذي (١١١١)، وابن الجارود (٦٨٦)، والحاكم (٢٧٨٧)، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله مرفوعًا، وعبد الله مختلف فيه، وبه أعلّ الحديث غير واحد، كابن دقيق العيد وابن الملقن، قال الترمذي: (هو صدوق، وقد تكلّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل، يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجّون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، قال محمّد - يعني البخاريّ -: وهو مقارب الحديث)، والحديث صحّحه ابن الجارود والحاكم والذهبيّ، وحسّنه الترمذيّ، وقال: (حديث حسن صحيح)، وقال مرةً أخرى: (حديث جابر حديث حسن، وروَى بعضهم هذا الحديث، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر، عن النبيّ ولا يصحّ، والصّحيح عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر)، وحسنه الألباني. ينظر: الإلمام ٢/ ٦٣٣، نصب الراية ٣/ ٢٠٣، البدر المنير ٧/ ٥٩٢، الدراية ٢/ ٦٤، الإرواء ٦/ ٣٥١.