للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والنَّفقةَ مِنْ كَسْبه، وربَّما عَجَزَ فيُرَقُّ، ويَرجِعُ إليه ناقِصَ القيمة.

أمَّا إذا أَذِنَ سيِّدُه؛ جاز؛ لمفهومِ الخَبَرِ، ولأِنَّ المنْعَ لِحَقِّه، فإذا أَذِنَ فقد أسْقَطَ حقَّه، مع أنَّه لو أَذِنَ للقنِّ لَصَحَّ، فالمكاتَبُ أَوْلَى.

وعُلِمَ منه: أنَّه لا يُزوِّجُ عَبدَه ولا أَمَتَه إلاَّ بإذْنِ سيِّده على الأصحِّ.

وعن القاضي: له تزويجُ الأَمَة فَقَطْ؛ لأِنَّه يأخُذُ عِوَضًا في تَزْويجِها.

ولنا: أنَّ على السَّيِّد فيه ضَرَرًا، ويَلزَمُه نفقةُ امْرَأَتِه ومَهْرُها، وهي تُملِّك (١) الزَّوجَ بُضْعَها وتَنقُص قِيمتها، وتسلِّم نفسَها لَيْلاً، وكَسْبُها لسيِّدها.

الثَّانيةُ: إذا أذِنَ له في التَّسرِّي جاز؛ لأِنَّ ملكَهُ ناقِصٌ، قال الزُّهْرِيُّ: لا يَنبَغِي لأِهْلِه أنْ يَمنَعُوه من التَّسرِّي. وعن أحمدَ: المنْعُ. وعنه: عَكْسُه. ورُدَّ: بأنَّ على السَّيِّد ضرَرًا، فمُنِعَ (٢) منه كالتَّزويج، لكِنْ لا يَعتِقُ عَلَيهِ؛ لأِنَّ ملْكَه غَيرُ تامٍّ، ولَيسَ له بَيعُه؛ لأِنَّه وَلَدُه، ويكونُ مَوقُوفًا على كتابته، فإنْ أدَّى؛ عَتَقَ، وعَتَقَ الولدُ؛ لأِنَّه يَملِكُ، أشْبَهَ الحرَّ، وإنْ عَجَزَ؛ عاد إلى الرِّقِّ.

الثَّالِثةُ: لَيسَ له اسْتِهْلاكُ ماله ولا هِبَتُه بغَيرِ خِلافٍ نَعلَمُه (٣)؛ لأِنَّ حقَّ السَّيِّد لم يَنقَطِعْ عنه؛ لأِنَّه قد يَعجِزُ فيَعودُ إلَيهِ، ويَجوزُ بإذْنِ سيِّده؛ دَفْعًا لِضَرَرِه.

الرَّابِعةُ: أنَّه لا يُقرِضُ إلاَّ بإذْنِ سيِّده؛ لأِنَّه بعَرَضِيَّة أنْ لا يعودَ إليه بفَلَسِ أو مَوتِ المقْتَرِض، ولا شَيءَ معه، ولم يَذكُرُوا قَرْضَه بِرَهْنٍ.

الخامِسةُ: أنْ لا يُحابِيَ بالمال إلاَّ بإِذْن سيِّدِه؛ لأِنَّه تبرُّعٌ، فمُنِعَ منه كالْهِبَة، ولأِنَّ في ذلك ضَرَرًا على السَّيِّد.


(١) في (ظ): بملك.
(٢) في (ق): يمنع.
(٣) ينظر: الشرح الكبير ١٩/ ٢٤٥.