للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هنا يَتَناوَلُ الأَخَوَينِ؛ لأِنَّ المقصودَ الجَمْعيَّةَ المطْلَقةَ من غَيرِ كَمِّيَّةٍ (١).

وفي «صحيح الحاكم» وقال: صحيحُ الإسْناد: «أنَّ ابْنَ عبَّاسٍ احْتَجَّ على عُثمانَ، وقال: كَيفَ نَرُدُّها إلى السُّدس بالأَخَوَينِ، ولَيسا بإخْوةٍ؟ فقال عُثْمانُ: لا أسْتَطِيعُ ردَّ شَيءٍ كان قَبْلِي، ومَضَى في البُلْدان، وتَوارَثَ النَّاسُ به» (٢)، فهذا يَدُلُّ على الإجماع قَبْلَ مُخالَفَةِ ابنِ عبَّاسٍ، ورُوِيَ أنَّه قال: «حَجَبَها قَومك يا غُلامُ» (٣)، ولأِنَّه حَجْبٌ يتعلَّقُ بعَدَد، فكان الاِثْنانِ أوَّلَه، كحَجْب البنات لِبَناتِ الاِبن، يُؤيِّدُه قَولُه تعالى: الآيةَ ﴿وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً﴾ [النِّسَاء: ١٧٦]، وهذا الحكمُ ثابِتٌ في أخِ وأخْتٍ، وقد أُكِّد ذلك: بأنَّ جماعةً من أهل اللُّغة جَعَلُوا الاِثْنَينِ جَمْعًا حقيقةً.

وقد أغْرَبَ الحَسَنُ البصْرِيُّ، فقال: لا يَحجُبُها إلاَّ ثلاثةُ إخْوةٍ ذُكورٍ.

وعِندَنا لا فَرْقَ في حَجْبِها بَينَ الذَّكَرِ والأنْثَى، ولو كانا غَيرَ وارِثَينِ؛ لِسُقوطِهما بالأب، لا بمانِعٍ قام بهما.

(وَحَالٌ لَهَا الثُّلُثُ، وَهِيَ مَعَ عَدَمِ هَؤُلَاءِ)؛ أيْ: مع عَدَمِ مَنْ ذُكِرَ من الولد، أوْ وَلَدِ ابنِه، أو اثْنَينِ من الإخْوةِ والأَخَوات، من أيِّ الجِهات كانوا، لا نَعلَمُ فيه خِلافًا (٤)، وسَنَدُه قَولُه تعالَى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ


(١) ينظر: الكشاف ١/ ٤٨٣.
(٢) أخرجه الطبري في التفسير (٦/ ٤٦٥)، والحاكم (٧٩٦٠)، والبيهقي في الكبرى (١٢٢٩٧)، عن شعبة مولى ابن عباس عنه. وصححه ابن الملقن في البدر ٧/ ٢٢٩، وقال الحافظ في التلخيص ٣/ ١٩٣: (فيه نظر؛ فإن شعبة مولى ابن عباس، وقد ضعفه النسائي)، وضعفه الألباني به في الإرواء ٦/ ١٢٢، قال ابن كثير في التفسير ٢/ ٢٢٨: (وفي صحة هذا الأثر نظر، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس، ولو كان هذا صحيحًا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به، والمنقول عنهم خلافه).
(٣) لم نقف على هذه الرواية.
(٤) ينظر: المغني ٦/ ٢٧٦.