للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«يَا ابن عَوفٍ، إنَّها رَحْمةٌ»، ثُمَّ أتْبَعَها بأُخْرَى، فقال: «إنَّ العَينَ تدمع (١)، والقلبَ يَحزَنُ، ولا نقول (٢) إِلاَّ مَا يُرْضِي ربَّنا، وإنَّا بفراقك يَا إبْراهيمُ لَمَحْزُونُون» رواه البُخارِيُّ (٣).

وظاهِرُه: لا فَرْقَ قبل الموت أو بعده أو بعد الدَّفن، وأخبار (٤) النَّهْيِ؛ كقوله: «فإذا وَجَبتْ فلا تَبْكِيَنَّ باكيةٌ» (٥)؛ محمولة على بكاءٍ معه نَدْبٌ أوْ نياحة (٦)، قال المجد (٧): أو أنَّه كره كثرة البكاء، والدَّوام عليه أيَّامًا.

وذكر الشَّيخ تقيُّ الدِّين (٨): أنَّه يُستحَبُّ؛ رحمةً للميت، وأنَّه أكْمَلُ من الفرح، كفرح الفُضَيلِ لَمَّا مات ابنُه عَلِيٌّ، وقال : «هذِهِ رحْمَةٌ جعَلها الله في قلوب عباده، وإنَّمَا يَرحَمُ الله مِنْ عِبادِه الرُّحَمَاءَ» (٩).

(وَ) يَجوزُ (أَنْ يَجْعَلَ المُصَابُ عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا يُعْرَفُ بِه)، والمراد به علامةٌ لِيُعرَف بها فيُعزَّى؛ لأنَّها سُنَّةٌ، وهو وسيلةٌ إليها، فإذا لم يَكنْ سُنَّةً بَقِيَ الجَوازُ.

وقال ابنُ الجَوزيِّ: يُكرَه لُبْسُه خلافَ زِيِّه المعتاد.

وقيل: يُكرَه تَغَيُّرُ حاله مِنْ خَلْعِ ردائه ونَعْلِه، وتغليق حانوته، وتعطيل معاشه.


(١) في (و): لتدمع.
(٢) في (و): ولا يقول.
(٣) أخرجه البخاري (١٣٠٣).
(٤) في (د): واختيار، وفي (ز): وأخيار، وفي (و): واختار.
(٥) أخرجه أبو داود (٣١١١)، والنسائي (١٨٤٦)، وابن حبان (٣١٨٩)، والحاكم (١٣٠٠)، من حديث جابر بن عَتيك ، وفيه قصة، وصححه الحاكم والنووي وابن الملقن. ينظر: الخلاصة ٢/ ١٠٥٥، البدر المنير ٥/ ٣٥٨.
(٦) في (و): ونياحة.
(٧) في (و): للمجد.
(٨) ينظر: مجموع الفتاوى ١٠/ ٤٧.
(٩) أخرجه البخاري (١٢٨٤)، ومسلم (٩٢٣)، من حديث أسامة بن زيد .