للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الوطْءِ، بل أَوْلَى؛ للعُذْر هنا، ولا تسقط عن الكبير والمأْيوس؛ لأِنَّها بدَلٌ عن نفس الصَّوم الواجب الذي لا يَسقُط بالعجز، فكذا بدَلُه، وكذا إطْعامُ مَنْ أخَّر قضاءَ رمضان وغيرِه غير كفَّارة الجماع.

(وَمَنْ نَوَى قَبْلَ الفَجْرِ، ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ؛ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ)؛ لأِنَّ الصَّومَ عبارةٌ عن الإمساك مع النِّيَّة، فلم يُوجَد الإمساكُ المضاف إليه، دلَّ عليه قولُه: «إنَّه تَرَكَ طعامَه وشرابَه من أجلِي» (١)، فلم تعتبر (٢) النِّيَّة مُنفَرِدةً عنه.

(وَإِنْ أَفَاقَ)؛ أي: المُغْمَى عليه (جُزْءًا مِنْهُ؛ صَحَّ صَوْمُهُ)؛ كقَصْده الإمساكَ فِي جُزْءٍ من النَّهار، فأجزأ؛ كما لو نام بقيَّة يومه.

وظاهِرُه: أنَّه لا يتعيَّن جزء للإدراك، ولا يُفسِد قليلُ الإغماء الصَّومَ،

والجنونُ كالإغماء، وقيل: يَفسُد الصَّومُ بقليله كالحيض، بل أَولَى؛ لعدم تكليفه.

وأجيب: بأنَّه زوال عقلٍ في بعض اليوم، فلم يَمنَع صِحَّتَه كالإغماء، ويُفارِق الحيضَ، فإنَّه لا يَمنَع الوجوبَ، وإنَّما يَمنَع صحَّتَه، ويُحرِّم فِعْلَه.

(وَإِنْ نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ؛ صَحَّ صَوْمُهُ)؛ لأِنَّه معتادٌ، ولا يُزيل الإحساسَ بالكُلِّيَّة، وخالف فيه الإصْطَخْريُّ (٣)، وهو شاذٌّ.

(وَيَلْزَمُ المُغْمَى عَلَيْهِ) إذا لم يصحَّ صومُه؛ (القَضَاءُ) في الأصحِّ؛ لأِنَّه مرضٌ، وهو مغطٍّ علَى العقل غير رافِعٍ للتَّكليف، ولا تَطُول مدَّتُه، ولا تَثْبُتُ


(١) أخرجه البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١)، من حديث أبي هريرة .
(٢) في (و): فلم يعتبر.
(٣) هو: الحسن بن أحمد بن يزيد الإصطخري الشافعي أبو سعيد، قاضي قم، من أصحاب الوجوه عند الشافعية، توفي سنة ٣٢٨ هـ، من مصنفاته: كتاب الأقضية. ينظر: وفيات الأعيان ٢/ ٧٤، طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٢٣٠.