للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وظهر أنَّ المذهب: أنَّ أمْن الطَّريق وسعة الوقت من شرائط لزوم الأداء، اختاره أكثر أصحابنا؛ لأنَّه فسَّر السَّبيل: «بالزَّاد والرَّاحلة» (١)، ولأنَّ إمكان الأداء ليس شرطًا في وجوب العبادة، بدليل ما لو زال المانع، ولم يبق من وقت الصلاة ما يمكن الأداء فيه، ولأنَّه يتعذر الأداء دون القضاء، كالمرض المرجو برؤه، وعدم الزاد والراحلة يتعذر معه (٢) الجميع.

فعلى هذا: هل يأثَمُ إن لم يعزم على الفعل؟ يتوجَّه الخلاف في الصَّلاة.

(وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَتِ الْخَفَارَةُ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ؛ لَزِمَهُ بَذْلُهَا)؛ لأِنَّها غرامةٌ يقِفُ إمكان الحجِّ علَى بذلها، فلم يمنع الوجوب مع إمكان بذلها؛ كثمن الماء، وقيده في «المحرَّر» عنه: باليسيرة (٣)، وجوَّزها الشَّيخ تقيُّ الدِّين عند الحاجة إليها في الدَّفع عن المُخفر (٤)، ولا يجوز مع عدمها؛ كما يأخذه السُّلطان من الرَّعايا.

(وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ)؛ وجب قضاؤه، و (أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ)، وإن لم يُوصِ به؛ لِما روى ابن عبَّاسٍ: أن امرأةً قالت: يا رسول الله! إن أمِّي نذرت أن تحجَّ، فلم تحجَّ حتَّى ماتت، أفأحجُّ عنها؟ قال: «نعم حُجِّي عنها، أرأيت لو كان على أمُّك دَين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحقُّ بالوفاء» رواه البخاريُّ (٥)، ولأنَّه حقٌّ استقرَّ عليه، فلم يسقط بموته كالدَّين، ويكون من جميع ماله؛ لأنَّه شبَّهه بالدَّين، فوجب مساواته له، وسواء (٦) فرط بالتأخير أو لا.


(١) تقدم تخريجه ٤/ ٢٠ حاشية (٢)، (٣).
(٢) في (و): منه.
(٣) في (ب) و (ز): باليسير.
(٤) ينظر: الفروع ٥/ ٢٣٩، الاختيارات ص ١٧١.
(٥) أخرجه البخاري (١٨٥٢).
(٦) في (و): سواء.