للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي كلام جماعةٍ ما ظاهره روايةٌ: بجواز تَرْكه، وفي «الإرشاد»: سُنَّةٌ، وفيه بُعْدٌ.

(وَالسَّعْيُ)، هذا هو المشهور؛ لقوله في حديث حبيبة (١) بنت أبي تجراة، أحد نساء بَنِي عبد الدَّار: «اسْعَوْا، فإنَّ الله كتب عليكم السَّعْيَ» رواه أحمدُ (٢)، ولأنَّه نُسُكٌ في الحجِّ والعُمْرةِ، فكان رُكْنًا فيهمَا كالطَّواف.

(وَعَنْهُ: أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ، وَأَنَّ السَّعْيَ سُنَّةٌ)، رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ وابنِ الزُّبَير (٣)؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البَقَرَة: ١٥٨]، ونَفْيُ الحرج عن فاعله؛ دليلُ عدم وجوبه، وفي مُصحَف أُبَيٍّ وابنِ مسعودٍ: «فلا جناح عليه ألاَّ يطوف بهما» (٤)، وهذا وإن لَمْ يكن قرآنًا، فلا يَنحَطُّ عن رتبة الخبر،


(١) في (أ): حنيفة.
(٢) أخرجه أحمد (٢٧٣٦٧)، والدارقطني (٢٥٨٤)، وفي إسناده عبد الله بن المؤمل، وهو ضعيف، لكن له طريق أخرى عند ابن خزيمة (٢٧٦٤)، وعند الدارقطني (٢٥٨٢)، من وجه آخر صححه ابن عبد الهادي، وحسن الحديث بمجموع طرقه النووي، وقواه ابن حجر، وصححه الألباني. ينظر: المجموع ٨/ ٧٨، تنقيح التحقيق ٣/ ٥١٣، الفتح ٣/ ٤٩٨، الإرواء ٤/ ٢٦٨.
(٣) أثر ابن عباس : أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٢٠٦)، عن عطاء، عن ابن عباس قال: «إن شاء سعى بين الصفا والمروة، وإن شاء لم يسع»، وإسناده صحيح.
وأثر ابن الزبير : أخرجه الطبري في التفسير (٢/ ٧٢٤)، وابن حزم في المحلى (٥/ ٨٦)، عن عطاء، عن عبد الله بن الزبير، قال «هما تطوع»، وإسناده صحيح.
(٤) مصحف أُبي : أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (ص ١٦٥)، عن حماد قال: وجدت في مصحف أُبَيٍّ: ﴿فلا جناح عليه ألا يطوف بهما﴾، وهذا منقطع، حماد بن سلمة لم يدرك أبي بن كعب .
وأخرج أبو يوسف في الآثار (٥٥٢)، عن أبي حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح وميمون بن مهران، فيمن طاف بين الصفا والمروة ولم يرمل، قال: «فأجمعا أن ليس عليه شيء»، وقرأ على ميمون في قراءة أُبَي : ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، إلى قوله: ﴿ألا يطوف بهما﴾»، وهو صحيح إلى ميمون، ويتقوى بما قبله.
ومصحف ابن مسعود : أخرجه الطبري في التفسير (٢/ ٧٢٢)، عن ابن جريج، قال: قال عطاء: لو أن حاجًّا أفاض بعدما رمى جمرة العقبة، فطاف بالبيت ولم يسع، فأصابها - يعني امرأته - لم يكن عليه شيء، لا حج ولا عمرة؛ من أجل قول الله في مصحف ابن مسعود: (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ألا يطوف بهما)، وإسناده صحيح.