للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه، وذكر ابن الجوزيِّ أنَّه المذهب؛ لأنَّه أشْرَك علِيًّا في هَدْيِه (١)، وهو نوعٌ منهما، ولأنه يجوز الإبدال، فكذا البيع.

والمذهبُ عند جماعةٍ: ما ذكره المؤلِّف هنا، وأجابوا: بأنَّها تَعيَّنَ ذبحُها، فلم يَجُزْ بيعُها، كما لو نذر أنْ يَذْبَحَها بعَينِها، ولأنَّه يجوز إبدالُ المصحف دون بَيعه، وعن الحديث: بأنَّه يحتمل أنَّه أشركه فيه قبل إيجابه، ويحتمل أنَّه جاء بِبُدْنٍ فاشتركا في الجميع، أو أشركه في ثوابها.

(إِلاَّ أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا)، نَصَّ عليه (٢)، اختاره الخِرَقيُّ والمؤلِّف وصاحب «المنتخب»؛ نظَرًا لمصلحة الفقراء، ولأنَّه عَدَل عن المعيَّن إلى خيرٍ منه من جنسه، فجاز؛ كما لو أخرج حِقَّةً عن بنت لَبُونٍ.

وظاهِرُه: أنَّه لا يجوز بدونها بلا رَيبٍ؛ لما فيه من تفويت حُرمتها.

ولا بمثلها، واختاره الخِرَقِيُّ وغيره؛ لعدم الفائدة.

والثَّاني: يجوز؛ لأنَّ الواجب لَمْ يَنقُصْ.

وحيث جاز بيعها؛ فهل ذلك لِمَنْ يُضَحِّي؛ كما قاله الشِّيرازيُّ وصاحِبُ «التَّلخيص»، أوْ مُطْلَقًا؛ كما هو ظاهِرُ كلام القاضِي؟ فيه قَوْلانِ.

وعليهما: يَشْتَرِي خَيرًا منها، قاله أبو بكرٍ، وحَكَى المؤلِّفُ عن القاضِي: أنَّه يَجُوزُ شِراءُ مثلها.

(وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا)؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عمرَ قال: أَهْدَى عُمَرَ نجيبًا، فأتَى النَّبيَّ فقال: إنِّي أهديت نجيبًا، فأبيعها وأشْتَرِي بثمنها بُدُنًا؟ قال: «لا، انْحَرْها» رواه أحمدُ والبخاريُّ في «تاريخه» (٣)، ولأنَّه نوع


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨)، من حديث جابر .
(٢) ينظر: مسائل ابن منصور ٨/ ٤٠٢٨، مسائل ابن هانئ ٢/ ١٢٩، زاد المسافر ٣/ ٣٨.
(٣) أخرجه أحمد (٦٣٢٥)، والبخاري في التاريخ (٢/ ٢٣٠)، وأبو داود (١٧٥٦)، وابن خزيمة (٢٩١١)، من طريق جهم بن الجارود، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: أهدى عمر بن الخطاب نجيبًا، فذكره، وإسناده ضعيف؛ لأن جهم بن الجارود فيه جهالة، وقال البخاري: (ولا يُعرف لجهمٍ سماعٌ من سالم)، وأعله المنذري وابن القيم، وضعفه الألباني. ينظر: ميزان الاعتدال ١/ ٤٢٦، ضعيف سنن أبي داود ٢/ ١٤٦.