للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث جدِّ طلحةَ بنِ مُصَرِّفٍ قال: «رأيت النَّبيَّ يَفْصِلُ بين المضمضة والاستنشاقِ» رواه أبو داود (١)، وَوُضوءُه كان ثلاثًا ثلاثًا، فلزم كونُهما من سِتٍّ، والأفضل كما نصَّ عليه: أن يكون لهما من غرفةٍ واحدةٍ (٢).

وفي تسمِيتِهما فرضًا وسقوطِهما سهوًا روايتان، والمذهب: أنَّهما يُسَمَّيان فرضًا، ولا يَسقطان سهْوًا.

(وَهُمَا وَاجِبَانِ فِي الطَّهَارَتَيْنِ)، هذا هو المشهور؛ لأنَّ الله تعالى أمر بغسل الوجه وأطلق، وفسَّره النَّبيُّ بفعله وتعليمه؛ فمضمض واستنشق في كلِّ وضوء توضَّأه، ولم ينقل عنه الإخلال به مع اقتصاره على المُجْزئ؛ وهو الوضوء مرَّةً مرَّةً، وقوله: «هذا وضوءٌ لا يقبل الله الصَّلاة إلَّا به» (٣)، وفعلُه إذا خرج بيانًا كان حكمُه حكمَ ذلِك المُبَيَّنِ، ولو كان مستحبًا لتركه ولو مرَّةً لتَبْيِينِ (٤) الجوازِ كما في الثَّانيةِ والثَّالثةِ، وقد رَوى الدَّارَقُطْنِيُّ عن أبي هريرة قال: «أمرنا النَّبيُّ بالمضمضة والاستنشاقِ» وإسنادُه جيِّدٌ (٥)، وفي حديثِ لَقِيطِ بنِ صَبِرَةَ: أنَّ النَّبيَّ قال: «إذا توضَّأْتَ فتَمضمضْ» رواهُ أبو داودَ بإسنادٍ جيِّدٍ (٦)، ولأنَّهما في حكم الظَّاهِر، بدليل أنَّ وضعَ


(١) أخرجه أبو داود (١٣٩)، وهو حديث ضعيف، في سنده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف عند جمهور الأئمة. ينظر: تهذيب الكمال ٢٤/ ٢٧٩، البدر المنير ٢/ ١٠٤.
(٢) ينظر: مسائل ابن هانئ ١/ ١٦.
(٣) سبق تخريجه ١/ ١٥٥ حاشية (٥).
(٤) في (أ): لتبن.
(٥) أخرجه الدارقطني (٤١٥)، من طريق حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة ، وصحح الدارقطني وغيره إرساله. ينظر: خلاصة الأحكام (١٥٣)، تنقيح التحقيق ١/ ١٨٨.
(٦) أخرج هذه اللفظة أبو داود (١٤٤) وحسن إسنادها النووي، وصححها ابن القطان، وابن الملقن، وابن حجر. ينظر: خلاصة الأحكام (١٥١)، البدر المنير ٢/ ١٢٦، التلخيص الحبير ١/ ٢٦٤.