للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ سَبَاهُمْ كُفَّارٌ آخَرُونَ)؛ بأنْ أغاروا عليهم، أو سَبَى بعضُهم بعضًا؛ (لَمْ يَجُزْ لَنَا شِرَاؤُهُمْ) في الأصحِّ؛ لأنَّ الأمانَ يقتضي رفع الأذى عنهم، وفي استرقاقهم أذًى لهم بالإذْلال بالرِّقِّ؛ فلم يَجُزْ كَسَبْيِهمْ، والواحِدُ كالكُلِّ.

وظاهِرُه: أنَّه لا يَلزَم الإمامَ استنقاذُهم.

وذَكَرَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّين روايةً منصوصةً: لنا شراؤهم من سابِيهِمْ (١)، وذَكَرَه في «الشَّرح» احتِمالاً؛ لأِنَّه لا يجب عليه الدَّفع عنهم، فلا يَحرُم اسْتِرْقاقُهم، بخلاف أهل الذِّمَّة.

وينبني عليهما: لو ظهر المسلمون على الذين أسروهم، وأخذوا مالَهم، واستنقذوا ذلك منهم؛ لم يلزمه ردٌّ على الثَّاني، لا الأوَّلِ.

ويجوز لنا شراءُ ولدهم وأهلهم منه إذا باعه؛ كحرب (٢).

وعنه: يحرم كذمَّةٍ، ولأِنَّهم في أمانٍ منَّا، وكما لو سَبَى بعضُهم بعضًا فباعه منَّا، بخلاف ما إذا سَبَى بعضُهم ولدَ بعضٍ، وباعه، فإنَّه يصِحُّ.

(وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ؛ نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ)، بخلاف أهل الذِّمَّة، فيقول لهم: قد نبذت عهدكم، وعُدْتم حربًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ [الأنفَال: ٥٨]؛ يعني: أعْلِمْهم بنقض العهد حتَّى تصير أنت وهم سواءً في العلم، ويَجِب إعلامُهم قبل الإغارة.

وفي «الترغيب»: إن صدر منهم خيانة؛ فإن علموا أنَّها خيانةٌ؛ اغتلناهم؛ وإلاَّ فوجهان.

فلو نقضه وفي دارنا منهم أحدٌ؛ وجب ردُّه إلى مأمنه؛ لأنَّهم دخلوا بأمانٍ، وإن كان عليهم حقٌّ اسْتُوفِيَ.


(١) ينظر: الفروع ١٠/ ٣١٦.
(٢) في (ح): الحرب.